×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

نفرة الحجيج من عَرَفَة إلى مزدلفة

ثم ينصرف الحجاج إلى مُزْدَلِفَة مع الرِّفْقِ والسَّكِينَةِ التي أَمَرَ بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، والتعاون والرحمة للضعفاء والمساكين، وإسعاف المحتاج بما يحتاج إليه من طعامٍ أو شرابٍ أو حملٍ أو ركوبٍ، ومراعاة إخوانه المسلمين والرفق بهم، وعدم التعنيف عليهم فِي الطريق، وعدم مضايقتهم؛ لأنهم إخوانُكَ، فارفُقْ بهم.

والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لمَّا انصرفَ من عَرَفَة إلى مُزْدَلِفَة كَانَ يقول: «السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» ([1])، وكان صلى الله عليه وسلم إِذَا حصلَتِ الزحمةُ، أخذ بزمام ناقته، وجرَّ رَأْسَهَا إليه، حتى إنَّ رَأْسَهَا يكاد يلامس رَحْلَهُ؛ لئلاَّ يُضَايِقَ الناسَ، مع أَنَّهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولو أراد من الناس لخلَّوا له الطَّرِيقَ لكنه رسولُ اللهِ رحمة للعالمين وقدوة.

وكان صلى الله عليه وسلم يمشي مع الناس، ومع الضعفاء، ومع المساكين، وكان يرفق بهم، ويمسك زِمَامَ ناقتِهِ لئلاَّ تُضايِقَ أَحَدًا، ويقول: «السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ»، فإذا وجد فَجْوَةً، يعني مُتَّسَعًا، أَسْرَعَ بناقته صلى الله عليه وسلم، تَرَكَ لَهَا الزِّمَامَ حتى تُسْرِعَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «إِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ» ([2])؛ يعني: أَسْرَعَ.

هذا هَدْيُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم فِي الانصراف من عَرَفَة؛ لأنك فِي مَشْيِكَ من عَرَفَةَ إلى مُزْدَلِفَةَ تكون فِي عبادةٍ، وخطواتك تُكْتَبُ، وأنت تَمْشِي فِي عِبَادَةٍ مُطِيعًا لربك عز وجل مثل الَّذِي يمشي إلى المسجد، فهو فِي عِبَادَةٍ


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1218).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1666)، ومسلم رقم (1286).