×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

كم مرة يَجِب الْحَجُّ وما شرط وجوبه؟

قال تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ [آل عمران: 97]

لَمَّا كان الْحَجُّ يُؤتى إليه مِنْ بَعِيدٍ، ومن بلادٍ نائيةٍ، خفَّفَ اللهُ فرضيتَه عَلَى العباد، فجعله مرة واحدة في العُمْر، كَمَا فِي الْحَدِيث الصَّحِيح: «الْحَجُّ مَرَّةً؛ فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ» ([1]).

فقوله: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ هذا بالنسبة للمجموعة، أما الأفراد فقد بَيَّنَتِ السُّنَّةُ الْمُطَهَّرةُ أَنَّهُ مَرَّة واحدة فِي العُمْر، وبيَّنَتِ الآْيَة أَنَّهُ عَلَى المستطيع؛ لقوله:﴿مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ مَنِ استطاع الوصولَ إليه بالزَّاد الَّذِي يُبلِّغه، والرَّاحِلة أو الوَسِيلَة التي تَنْقُلُه؛ وهي المركب المناسب، فِي كل وقت بحسبه.

فمَنِ استطاع ماليًّا؛ بأنْ كان عنده من المالِ مَا يُبَلِّغُه إلى البيت، ويَرُدُّه إلى أهله وما يَكْفِي أَهْلَهُ، ووجد وسيلةَ النَّقْلِ التي تَحْمِلُهُ إلى هذا البيت؛ فإنه يَجِب عَلَيْهِ الحج، ومَنْ لم يَجِدِ النَّفَقَةَ، ولا وَسِيلَةَ النَّقْلِ، فَلاَ يَجِب عَلَيْهِ حَجٌّ، حتى لو مات وَهُوَ لم يَحُجَّ فليس عَلَيْهِ شيء؛ لأنه لم يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ؛ لِعَدَمِ تَوَفُّرِ شُروطِ وُجُوبِهِ.

وَمَنْ وَجَدَ المالَ الَّذِي يُبَلِّغ، والرَّاحِلَةَ - يعني: وَسِيلَة النَّقْل -، ولكنه لا يستطيع بدنيًّا؛ لِكَوْنِهِ مريضًا أو كَوْنِ الطَّريق مخوفًا ليس فيه أَمْن، فهذا يتأجَّل الْحَجُّ فِي حَقِّه حتى يستطيع؛ بأن يَزُول مَرَضُهُ، ويأمن الطريقَ، فيجب عَلَيْهِ أداء الْحَجِّ حينذاك.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (1721)، والدارمي رقم (1829)، وأحمد رقم (2304).