استعدادات الحج
ثم إن الْحَجَّ
يحتاج إلى الاستعداد، وذلك بأمور:
أولاً: إخلاص
النِّيَّة لله عز وجل:
بأن يَحُجَّ قاصدًا
بِحَجِّهِ وَجْهَ اللهِ عز وجل، وكذلك سَائِرُ الأعمالِ يُشترَط فيها الإخلاصُ لله
عز وجل؛ فاللهُ عز وجل يقول: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ﴾ [البقرة: 196]،
فالإنسانُ يحجُّ لله، لا يَقْصِدُ رياءً، ولا يَقْصِدُ سُمْعَةً ومدحًا وثناءً،
فإنه إن كان يَقْصِدُ الرِّيَاءَ والسُّمْعَةَ، فحَجُّه باطلٌ، وكذلك سائرُ الأعمالِ،
وَمَنْ فَعَلَهَا لأَِجْلِ الرِّيَاءِ والْمَدْحِ، فأعمالُهُ باطلةٌ؛ لأنه لم
يَقْصِدْ بها وَجْهَ اللهِ؛ وإنَّمَا قَصَدَ بها الرِّيَاءَ والسُّمْعَةَ.
فيَجِبُ عَلَى
المُسْلِمِ أن يُخْلِصَ النِّيَّةَ لله عز وجل فِي حَجِّهِ وَفِي جميعِ أعماله؛
لأنَّ اللهَ لا يَقْبَلُ مِنَ الأعمالِ إلاَّ مَا كان خَالِصًا لِوَجْهِهِ سبحانه
وتعالى، فَعَلَى المسلمِ أن يُخْلِصَ نِيَّتَهُ لله، لا يَحُجُّ مِنْ أَجْلِ أن
يُمْدَح، وكذلك لا يَحُجُّ مِنْ أَجْلِ طمعِ الدُّنيا، فالذي يَحُجُّ مِنْ أَجْلِ
طَمَعِ الدُّنيا فليس له حَجٌّ، وقد قَالَ اللهُ عز وجل فيه: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ
ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا
وَهُمۡ فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ ١٥ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ
لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا
وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [هود: 15- 16]، وَهَذَا فِي
جَمِيعِ الأعمالِ.
فمَنِ الْتَمَسَ
طَمَعَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ، فإنه دَاخِلٌ فِي هَذِهِ الآْيَة الكريمةِ،
وَهُوَ متوعَّدٌ بهذا الوعيدِ، وعَمَلُهُ غيرُ صحيحٍ؛ لقوله: ﴿وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ
فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [هود: 16].
الصفحة 1 / 150