بل خُذُوا مِثْلَ الحَصَيَات
التي لُقِطَتْ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وقال عنها: «بِأَمْثَالِ هَؤُلاَءِ
فَارْمُوا»، وقد حدَّدَ الْعُلَمَاءُ حَجْمَهَا بأنَّها أَكْبَرُ من الحمص، أو
قريبًا منه، أمَّا مَنْ يأخذون الحَصَى الكِبَارَ، أو يَرْمُونَ بالجَزْمَاتِ، أو
بالحَدِيدِ، ويقولون: نَقْتُلُ الشَّيْطانَ فهذا غَلَطٌ وجَهْلٌ، بل أنت تَذْكُرُ
اللهَ عز وجل؛ فالرَّمْيُ ذِكْرٌ لِلَّهِ.
قال صلى الله عليه
وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ؛ لِذِكْرِ اللهِ عز وجل » ([1])، فَأَنْتَ تَذْكُرُ
اللهَ؛ ولِذَلِكَ تُكَبِّرُ اللهَ مَعَ كُلِّ حصاةٍ، فأنت بِرَمْيِكَ هذا تَذْكُرُ
اللهَ عز وجل، وليس رَمْيُكَ للشيطانِ إلاَّ من ناحية أنَّ العباداتِ كُلَّها
رَمْيٌ للشيطانِ، فالصَّلاَةُ رَمْيٌ للشيطانِ، والدُّعاءُ رَمْيٌ للشيطانِ، وكل
عِبَادَة تفعلها فهي رمَيٌ للشيطان، ومنها رَمْيُ الجمراتِ؛ لأن رَمْيَ الجمراتِ
عِبَادَةٌ وطاعةٌ، ولا شَكَّ أن الشيطانَ يغتاظُ مِنَ العبادةِ، ومِنْ ذِكْرِ
اللهِ عز وجل، أَمَّا أن يُعتقَد بأنَّ الأصلَ والقصدَ هو رَمْيٌ للشيطانِ، فلا،
إنَّمَا تقولُ: أَرْمِي الْجَمْرَةَ، ولا تَقُلْ: أَرْمِي الشيطانَ، فتجنَّبْ هذا
اللفظَ. وإنْ كَانَ أَصْلُ الرَّمْيِ أنَّ إبراهيمَ عليه السلام لَمَّا أَمَرَهُ
اللهُ بذَبْحِ ابْنِهِ امتحانًا له جَاءَهُ الشيطانُ يُوَسْوِسُ له بِعَدَمِ
ذَبْحِهِ. فرَمَاهُ إبراهيمُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ مِنْ
مَوَاقِفِهِ معه.
كيفيةُ الرَّمْيِ:
تَرمي الجمرةَ هذا اليومَ بسبعِ حَصَيَاتٍ بقوةٍ، وتَرْفَعُ يَدَكَ، ولا تأتي بالحَصَيَاتِ وتَضَعها فِي الحَوْضِ، بل تَرْفَع يَدَك قائلاً: الله أكبر، ولاَ بُدَّ أن تَقَعَ الحَصَاةُ فِي الحَوْضِ، سواءٌ بَقِيَتْ أو سَقَطَتْ أو تَدَحْرَجَتْ، المُهِمُّ أن تَقَعَ فِي الحَوْضِ.
الصفحة 1 / 150