×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

موعظة للحاج بعد الحج

على المُسْلِمِ أن يتَّقِي اللهَ سبحانه وتعالى، وأن يُصْلِحَ أعمالَهُ، وأن يتوب من ذُنُوبِهِ، وأن يَرْجِعَ من الْحَجِّ أَحْسَنَ حالاً مِنْهُ قَبْلَ الحَجِّ، فيرجع إلى الله تائبًا مُنِيبًا، ويحافظ عَلَى الفرائضِ، ويتزوَّد بالنوافلِ، ويتجنَّب مَا حَرَّمَ اللهُ؛ فالحجُّ إنما يزيده طاعةُ وتقوى اللهِ.

أمَّا أن يقول بعضُ الناسِ: إنَ الْحَجَّ يُكفِّر الذنوبَ، ويفعل مَا يشاء بعده؛ لأن الْحَجَّ يكفِّر عنه، فهذا من الجهلِ والغرورِ -والعياذ بالله-، والمفروضُ هو العكسُ، أَنَّهُ إِذَا حَجَّ يكونُ أحسنَ حالاً من سابِقِهِ، ويُتبِع الحجَّ بالأعمالِ الصالحةِ، والتوبةِ إلى اللهِ، وتجنُّبِ مَا حرَّمَ اللهُ، ويحافظ عَلَى دِينِهِ إلى أن يَأْتِيَهُ الموتُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ [الحجر: 99].

فإذا عَادَ إلى الذنوبِ والمعاصي بَعْدَ الحجِّ، فإن هذا يُؤثِّر عَلَى حَجِّهِ، وقد يُبْطِلُهُ؛ كَمَا إِذَا فَعَلَ شِرْكًا باللهِ عز وجل، فالحجُّ إنما يزيد المؤمنَ تَقْوى للهِ عز وجل، فيرجعه مِنْ حَجِّه كيومِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مغفورة له ذنوبُهُ، قَالَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ([1]).

فاللهُ أَنْقَذَكَ من الذُّنُوبِ، وتابَ عليكَ، فلا تَعُدْ إلى الذُّنُوبِ بعد ذلك، فإن ذَلِكَ من الخُسْرانِ، فعليكَ أن تَفْرَحَ بهذه النِّعْمَةِ، وأن تُدَاوِمَ عَلَى التَّوْبَةِ، وعلى طاعةِ اللهِ عز وجل، وعليك أن تَأْمُرَ بالمعروفِ، وتنهى عن المُنْكَرِ، وتُرْشِد الناسَ إِذَا رجَعْتَ إلى بلدك، وتُبَيِّن لهم مَا فهمتَ فِي حَجِّك من أحكامِ دِينِكَ، وتُبيِّن لهم أنك تعلَّمْتَ وفهمتَ وعرفتَ،


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1521).