×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

 فتُكتَب له خطواتُهُ وَهُوَ يمشي، فِي كل خُطْوَةٍ تُرفَع له درجةٌ، وتُحطُّ عنه سَيِّئَةٌ، فكذلك الَّذِي يمشي مِنْ عَرَفَةَ إلى مُزْدَلِفَة هو فِي عبادةٍ، فلا يسيء الأدب مع إخوانه.

الصَّلاة بمزدلفة:

الحاجُّ فِي مَسِيرِهِ إلى مُزْدَلِفَةَ يُكْثِرُ من التلبيةِ والذِّكْرِ، ولا يُصَلِّي فِي الطريق، بل يُؤخِّر المغربَ إلى العشاء فيَجْمَعهما جمعَ تأخيرٍ، فلا يُصلِّي حين الانصرافِ، وإنْ غربت الشمسُ ودَخَلَ الوَقْتُ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يُصَلِّ المغربَ، بل أخَّرَ المغربَ حتى وَصَلَ إلى مُزْدَلِفَةَ، فلمَّا وَصَلَ إلى مُزْدَلِفَةَ، أَمَرَ المؤذِّنُ فأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقامَ، فصلَّى المغربَ، ولمَّا حَطَّ الناسُ رِحَالَهُمْ أَمَرَهُ فأقامَ، فصلَّى العِشَاءَ ركعتين، ثُمَّ استقرَّ فِي مُزْدَلِفَةَ وباتَ بها صلى الله عليه وسلم.

وهكذا إِذَا وَصَلَ الحُجَّاجُ إلى مُزْدَلِفَةَ، ومُزْدَلِفَةُ: هي المَشْعَرُ الحَرَامُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَآ أَفَضۡتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلۡمَشۡعَرِ ٱلۡحَرَامِۖ [البقرة: 198]، فمُزْدَلِفَةُ هي المَشْعَرُ الحرام، وقيل: المَشْعَرُ الحرام هو الجبل الصغير الَّذِي فيها، وتُسمَّى مُزْدَلِفَةَ؛ لأن الناس يَزْدَلِفُونَ إليها من عَرَفَة، ليتقرَّبوا إلى الله فيها وتُسمَّى جَمْعًا، لأن الناس يَجْتَمِعُونَ فيها، وتُسمَّى المَشْعَرَ الحَرَام، هذا هو اسمها فِي القرآن كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلۡمَشۡعَرِ ٱلۡحَرَامِۖ [البقرة: 198]، وذِكرُ اللهِ فيها يَكُونُ بالصلاة حينما يَصِلُ الحُجَّاجُ إليها.

ومِنْ ذِكْرِ اللهِ فيها أيضًا الْمَبِيتُ، وَهُوَ ذِكْرٌ للهِ عز وجل، فبَيْتُوتَتُكَ ونَوْمُكَ فيها عِبَادَةٌ، ثم إِذَا طَلَعَ الفَجْرُ تصلي فيها، وصَلاَتُكَ عِبَادَةٌ وذِكْرٌ للهِ عز وجل، ثم إِذَا صَلَّيْتَ، تَقِف وتَدْعُو، فهذا ذِكْرٌ للهِ عز وجل،


الشرح