×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

طَوَافُ الْوَدَاعِ

إذا أَرَادَ الْحَاجُّ أن يُسَافِرَ إلى بَلَدِهِ أو غَيْرِهَا، فلاَ بُدَّ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ، فيطوف بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، وَهُوَ واجبٌ من واجباتِ الْحَجِّ؛ لِقَوْلِهِ: «لاَ يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» ([1])، وقال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: «أُمِرَ الناسُ أن يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهم بالبيتِ» ([2])، فلا يَجُوز للحاجِّ أن يُسافِرَ بعد الْحَجِّ إلاَّ إِذَا طَافَ للوَدَاعِ سبعةَ أشواطٍ، وليس لِلْوَدَاعِ سَعْيٌ.

أمَّا المرأةُ الحائضُ والنُّفساءُ، فليس عليهما وداعٌ؛ لِقَوْلِ ابنِ عباسٍ: «خُفِّفَ عَنِ المرأةِ الحائضِ» ([3])، ولَمَّا قِيلَ للنبيِّ إن صَفِيَّةَ قد حاضَتْ، قال: «أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟» قالوا: يا رسول الله؟ إنها قد أفاضَتْ، -يعني: طافَتْ طوافَ الإفاضَةِ-، قال: «فَانْفِرِي إِذَنْ» ([4]) يعني سافري.

فالحائضُ ليس عليها طَوَافُ وَدَاعٍ، وكذلك النفساءُ، وطوافُ الوداعِ هو آخِرُ شيءٍ من أعمالِ الحَجِّ، بحيث يُمْكِنُ للحاجِّ أن يُسَافِرَ بعده مُبَاشَرَةً، فإنْ طَافَ للوَدَاعِ، وأقامَ بمكَّةَ، أو بَاتَ فيها، أو اشْتَغَلَ ببيعٍ أو شراءٍ للتجارةِ، فإنه يُنتقَضُ وَدَاعُهُ؛ لأنه لم يَكُنْ آخِرُ عَهْدِهِ بالبيتِ، ولو بقي ساعةً أو ساعتين ليحمل المَتَاعَ ويجمعه لم ينتقِضْ وَدَاعُهُ؛ لأنه لم يجلس، وإنما يتهيَّأ للسَّفَرِ.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1327).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1755)، ومسلم رقم (1328).

([3])أخرجه: البخاري رقم (1755)، ومسلم رقم (1328).

([4])أخرجه: البخاري رقم (1757)، ومسلم رقم (1211).