السعي بين الصفا والمروة
ثم يذهب إلى
السَّعْيِ، ويَخْرُجُ من باب الصفا؛ لأنه أَيْسَرُ له، فبابُ الصَّفَا عند مَحَلِّ
بدايةِ السَّعْيِ، فيخرجُ من هذا البابِ إِذَا تَيَسَّرَ له ذلك، ويَقْرَأُ هَذِهِ
الآْيَة: ﴿۞إِنَّ
ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ
ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158]؛ لأن
النبيَّ قَرَأَهَا عندما ذَهَبَ إلى الصفا.
والصَّفا: هو طَرْفُ جبلِ أبي
قُبيسٍ، والمروة: طَرْفُ جبلِ قُعيْقعان؛ لأن مَكَّةَ المُشَرَّفَةَ تقع بين جبلين
عظيمين جَبَلِ أبي قُبيس وجبل قعيقعان، ويُسمَّى الجبلان بالأَخْشَبَيْنِ، وبينهما
الوادي الَّذِي تقع فيه الكعبةُ، والمسجدُ الحرامُ، وقوله تَعَالَى: ﴿مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ﴾ [البقرة: 158]؛ أي: من الأمكنة التي شَرَعَ اللهُ أن
يُتعبَّد له فيها، والشعائرُ أَمْكِنَةُ العبادةِ وعلاماتُها؛ فهما مكانان لذكر
الله عز وجل.
وهذا فيه رَدٌّ
عَلَى مَنْ زَعَمَ أن الصفا والمروة يُطافُ بهما مِنْ أَجْلِ الصَّنَمَيْنِ
العظيمَيْنِ اللذين كانا عَلَى الصفا والمروة فِي الجاهلية، فقد كَانَ عَلَى الصفا
صنمٌ يُقال له: إِسَاف، وكان عَلَى المروة صَنَمٌ يُقال له: نَائِلَة، فلمَّا
فَتَحَ اللهُ مَكَّةَ للرسول، وصارَتْ فِي ولاية المسلمين، أَزَالَ الأصنامَ التي
كانت عَلَى الكعبة، والتي كانت عَلَى الصفا والمروة، أزالها وأتلفها، وخلَّصَ البيتَ
والصفا والمروة منها، وأزال الأصنامَ الثلاثةَ: اللاَّتَ، والعُزَّى، ومَنَاةَ.
أزال اللهُ هَذِهِ الأصنامَ كُلَّها من مَكَّةَ وما حَوْلَهَا؛ لأنَّ اللهَ بَعَثَ رَسُولَهُ بالتوحيد والدَّعْوَةِ إليه، وإزالةِ الشِّرْكِ ومَعَالِمِهِ، فقامَ بذلك، فطهَّرَ
الصفحة 1 / 150