الْمَبِيتُ بمِنًى لَيَالِي أَيَّام التَّشْرِيقِ
قال اللهُ تَعَالَى:
﴿۞وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ
أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ﴾ [البقرة: 203]؛ يعني: اذكروا اللهَ بأداء المَنَاسِكِ فِي مِنًى من
مَبِيتٍ فِي منًى لَيَالِيَ مِنًى؛ الحاديَ عَشَرَ والثانيَ عَشَرَ لِمَنْ
تَعَجَّلَ، والثَّالِثَ عَشَرَ لِمَنْ تأخَّرَ، وَهُوَ واجبٌ من واجباتِ الحَجِّ،
ومِنْ ذِكْرِ اللهِ أَدَاءُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ فِي مِنًى ورَمْيُ الجِمَارِ وذَبْحُ
النُّسُكِ.
حدود منًى:
طُولُهَا من وادي
مُحَسِّر، وَهُوَ الحَدُّ الفاصِلُ بينها وبين مُزْدَلِفَةَ، إلى جَمْرَةِ
الْعَقَبَةِ، وهي الْجَمْرَةُ الأخيرةُ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ، هذا آخِرُ مِنًى،
وما بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ عَرْضًا، هَذِهِ منًى، فمَنْ تَمَكَّنَ من النُّزُولِ
فيها، فإنه يَنْزِلُ ويَبِيتُ فيها، ويُقِيمُ فيها أَيَّامَ التَّشْرِيقِ عِبَادَةً
للهِ عز وجل، فَيَذْكُرُ اللهَ فيها، ومَنْ لَمْ يتمكَّنْ مِنَ النُّزُولِ،
فإنَّهُ يَنْزِلُ بطرف الحُجَّاج فِي أيِّ مكانٍ مِمَّا يَلِي مِنًى، قَالَ
تَعَالَى: ﴿فَٱتَّقُواْ
ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن: 16].
فالحُكْمُ هنا مِثْل
حُكْمِ المسجدِ إِذَا ضاق، فالنَّاسُ يُصَلُّونَ خَارِجَهُ مَا امتدَّتِ
الصُّفُوفُ، فيَنْزِل الحاجُّ، فِي طرف الحُجَّاجِ، ولو كَانَ خَارِجَ مِنًى؛
لأنَّ هذا هو الَّذِي يَسْتَطِيعُهُ ويأتي ويَبِيتُ فِي اللَّيْلِ فِي مِنًى إنْ
تمكَّنَ، وَفِي النَّهَارِ يذهبُ إلى خَيْمَتِهِ، ولو كانَتْ خارِجَ مِنًى؛ لأنَّ
هذا هو الَّذِي يستطيعه.
وإن نَزَلَ خارِجَ
مِنًى، ولم يَسْتَطِعْ المجيءَ بالليلِ؛ لِبَقَائِهِ مع النساء، أو مع مَنْ يخافُ
عليهم، أو بِسَبَبِ أَنَّهُ لا يَقْدِرُ عَلَى المَشْيِ، ويَشُقُّ عَلَيْهِ
الانتقالُ فِي اللَّيْلِ، فيَبِيت فِي خَيْمَتِهِ وَفِي مَكَانِهِ، ويَسْقُط عنه
الْمَبِيتُ فِي