فتبيِّن لإخوانِك وأهلِك وأهلِ بَلَدِك الطريقَ
الصحيحَ، وتدعو إلى اللهِ عز وجل، وتُنَبِّهُهُم عَلَى الأخطاءِ التي كانوا عليها.
قال تَعَالَى:﴿۞وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ
أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن
تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ﴾ [البقرة: 203]، والتقوى:
هي أن تعمل بطاعة الله تَعَالَى عَلَى نور منه جل وعلا، وترجو ثوابه وأن تتركَ
معصيتَه وتخافَ من عَقَابِهِ، هَذِهِ هي التقوى، سُمِّيَتِ التقوى: لأنها تَقِيكَ
من العذابِ، ثم قال:﴿وَٱتَّقُواْ
ٱللَّهَ﴾ [البقرة: 203]، هذا أَمْرٌ بالتَّقْوى، اتقوا الله بفِعْلِ أَوَامِرِه،
وتَرْكِ نَوَاهِيهِ، والمُدَاوَمَة عَلَى ذَلِكَ بعد الحَجِّ.
وقال بَعْدَهَا:﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ﴾ [البقرة: 203] أي
تُجمَعون يوم القيامة عند الله عز وجل، ويُجمَع الأوَّلُون والآخِرون، فِي صعيدٍ
واحدٍ، ويَقُومون لربِّ العالمين، حُفاةً عُراةً غُرلاً، ثم يُحاسَبون عَلَى
أعمالهم، ثم تُوزَن أعمالهم بالموازين، ثم يُعطَون صحائفُهم فِي أَيْمَانِهِمْ أو
فِي شَمَائِلِهِمْ، ثم يَمُرُّون عَلَى الصِّراط، وَهُوَ الْجِسْرُ المنصوبُ عَلَى
جَهَنَّمَ، ولا يُنْقِذُهُمْ من الصراطِ إلاَّ أعمالهم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ
ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّٗا﴾[مريم: 72]، فأمامنا أهوالٌ، والله المستعان.
والحكمةُ من قوله: ﴿أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ
تُحۡشَرُونَ﴾ [البقرة: 203] أنك لما رأيتَ اجتماعَ الناسِ فِي عَرَفَة مِنْ كُلِّ
لُغَةٍ، ومِنْ كُلِّ جِنْسٍ، ومِنْ كُلِّ لَوْنٍ، ورأيتَ الزِّحَاماتِ الشديدةَ،
فتَذْكُرُ الْحَشْرَ، لأنَّ الحْشَرَ فيه زحاماتٌ أشدُّ، وفيه اجتماعٌ أكبرُ من
اجتماعِ الحجِّ، فيه اجتماعُ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ فِي مكانٍ واحدٍ، إِذَا
كُنْتَ رأيتَ هذا الاجتماعَ فِي الحجِّ،