فيجب عَلَى المسلم
حينما يتوجَّه للحجِّ أو لأيِّ عبادة: أن يُخلِصَها لله عز وجل، ولا يكون له
قَصْدٌ غير وَجْهِ الله، وهذا فِي جميع الأعمال؛ ﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٦٢ لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ
ٱلۡمُسۡلِمِينَ﴾ [الأنعام: 162- 163]؛ فالصَّلاَة والنُّسُك والحياة والموت، كُلُّها تكون
لله عز وجل، فيجب عَلَى المسلم أن يتوجَّه بجميع أعماله لله عز وجل، وإلا فإن الله
لا يَقْبَلُها.
ثانيًا: موافقة هدي
النبي فِي الحجِّ:
وكذلك يَجِب عَلَى
المسلم أن يَتَّبِعَ السُّنَّةَ فِي حَجِّهِ وَفِي جميع أعماله، بأن يُؤَدِّي
حَجَّهُ عَلَى وَفْقِ سُنَّةِ رسول الله؛ لأنه حَجَّ بالناس حَجَّةَ الوَدَاعِ،
وقال صلى الله عليه وسلم: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لاَ أَدْرِي
فَلَعَلِّي لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا» ([1])، فَقَوْلُهُ:
«لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ»، أَيْ: تَعَلَّمُوا كيف تؤدُّون مَنَاسِكَ
الحجِّ، عن الرسول صلى الله عليه وسلم، واعملوا مثل عَمَلِهِ، هذا خِطَابٌ لجميع
الأمة إلى أن تَقُومَ السَّاعةُ.
فالذين يشاهدون الرسولَ صلى الله عليه وسلم إنما يَقْتَدُونَ به فِي أفعاله لِكَوْنِهِ قُدْوَتَهم، قَالَ تَعَالَى: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا﴾ [الأحزاب: 21]، والذين لم يُدْرِكُوا الرسولَ صلى الله عليه وسلم وجاؤوا مِنْ بَعْدِهِ، فإنهم يَرْجِعُونَ إلى كُتُبِ السُّنَّةِ الصحيحةِ التي دُوِّنَتْ فيها أحاديثُ الرسولِ الصحيحةُ فِي الْحَجِّ وَفِي غَيْرِهِ، فتؤدِّي عَمَلَكَ عَلَى وَفْقِ السُّنَّةِ، وتؤدِّي حَجَّكَ عَلَى وَفْقِ السُّنَّةِ حتى يَقْبَلَهُ اللهُ عز وجل، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ
([1])أخرجه: مسلم رقم (1297).