ومن هَذِهِ
الأحاديثِ يُعلَم أن الزِّيارةَ الشرعيَّةَ للقبورِ يُقصَد منها تَذَكُّر
الآخِرَةِ، والإحسانُ إلى الموتى، والدُّعاءُ لهم، والترحُّمُ عليهم.
فأمَّا زيارتُهُم
لِقَصْدِ الدُّعاءِ عند قُبُورِهم، أو الْعُكُوفِ عندها، أو سُؤَالِهِمْ قضاءَ
الحاجاتِ، أو شِفَاءَ المَرْضَى، أو سؤالِ اللهِ بهم أو بِجَاهِهِمْ، ونحو ذلك، فهذه
زيارةٌ بِدْعِيَّةٌ منكرة، لم يشرعها اللهُ ولا رسولُهُ، ولا فَعَلَهَا السَّلَفُ
الصَّالِحُ، بل هي من الهُجْرِ الَّذِي نَهَى عنه الرسولُ حيث قال: «زُورُوا
الْقُبُورَ، وَلاَ تَقُولُوا هُجْرًا» ([1]).
وهذه الأُْمُورُ
المذكورةُ تجتمع فِي كَوْنِهَا بِدْعَةً، ولَكِنَّهَا مختلفةُ المراتِبِ،
فبَعْضُها بِدْعَةٌ وليس بِشِرْكٍ؛ كَدُعَاءِ اللهِ سبحانه عند القُبُورِ،
وسؤالِهِ بحقِّ المَيِّتِ وجاهِهِ، ونحو ذلك، وبَعْضُها من الشِّرك الأَكْبَرِ؛
كَدُعَاءِ المَوْتَى، والاستعانةِ بهم، ونحو ذلك.
وقد سَبَقَ بَيَانُ
هذا مُفَصَّلاً فيما تَقَدَّمَ، فتنبَّهْ واحْذَرْ، واسألْ رَبَّكَ التَّوْفِيقَ
والهِدَايَةَ لِلْحَقِّ؛ فهو سُبْحَانَهُ المُوَفِّقُ والهادي؛ لا إلهَ غَيْرُهُ،
ولا رَبَّ سِوَاهُ.
هذا آخِرُ مَا
أَرَدْنَا إِمْلاَءَهُ. والحمدُ للهِ أَوَّلاً وآخِرًا، وصَلَّى اللهُ وسَلَّم عَلَى
عَبْدِهِ ورَسُولِهِ وخِيرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومَنْ
تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ.
آخِرُ مَا نقل من
منسك الشيخ: عبد العزيز بن باز رحمه الله.
****
([1])أخرجه: النسائي رقم (2033)، ومالك في «الموطأ» رقم (8)، وأحمد رقم (11627).
الصفحة 2 / 150