مقدمة في وُجُوب أَدَاء مَنَاسِك الْحَجّ والعُمْرَة عَلَى ضوء الْكِتَاب والسنة وترك الترخص الَّذِي لاَ دَلِيلَ عَلَيْهِ أو استعماله في غير محله
الحمد لله الَّذِي شَرعَ فيسَّر، ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ﴾ [الحج: 78]، وصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وبعد:
فإنَّ التيسير في الْحَجِّ وَغَيْرِهِ من أحكام الدِّين يكون حَسَبَ الأدلة الصَّحِيحة مع التقيُّد بأداء الأحكام كما شَرَع اللهُ سبحانه وتعالى، ومِنْ ذَلِكَ عِبَادَة الْحَجِّ والعُمْرَة، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ﴾ [البقرة: 196]، وإتمامُهما يكون بأداء مناسِكِهما عَلَى الوجه الَّذِي أدَّاهما به رَسُولُ اللهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ﴾ [الأحزاب: 21]، وقَوْلِهِ: «لِتَأْخُذُوا عنِّي مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لاَ أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» ([1])، أي: أدُّوها عَلَى الصِّفَة التي أدَّيتُها بها، لا عَلَى الرُّخَص التي قَالَ بها بعضُ الْعُلَمَاء من غير دليل مِنْ كتاب أو سُنَّة، وتلقَّفَها بعضُ الْكُتَّاب والمنتحلين للفتوى، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59]، فَفِي هَذِهِ الآْيَة الْكَرِيمَة: أَنَّهُ يَجِب عَلَيْنَا أن نأخذ من أقوال الْعُلَمَاء مَا دَلَّ عَلَيْهِ كتابُ الله وسُنَّةُ رسولِه، لا مَا يوافق أهواءنا ورغباتِنا من أقوال الْعُلَمَاء التي لا مستندَ لَهَا من الأدلة الصحيحة، ولا أن تُستعمَل الأدلة الشرعية عَلَى غير مدلولها، وَفِي غير مواضعها، كمن يستدل بقوله
([1])أخرجه: مسلم رقم (1297).