يقولونَ عَلَى اللهِ وفِي اللهِ وفِي كتابِ
اللهِ بغيرِ عِلْمٍ، يتكلَّمونَ بالمُتَشابِهِ مِنَ الكلامِ، ويخدعُونَ جُهَّالَ
النَّاسِ بما يُشبِّهُونَ عليهم - فنعوذُ باللهِ مِن فِتَنِ الضَّالِّينَ» ا. هـ.
ثُمَّ إنَّ
المسلمينَ توارثُوا هذه الكُتبَ، واستخلَصُوا منها كُتبَ العقائدِ، وتَداولُوا ما
ألَّفَهُ هؤلاءِ الأئمّةُ، فوُجِدَتْ كُتبُ العقيدةِ الَّتِي تتَضمَّنُ جميعَ
مسائلِ العقيدةِ وما عليه سَلَفُ هذه الأمَّةِ.
ثُمَّ إِنَّ بَعضَ
العلماءِ اعتنَوْا بِمُتونِ العَقيدَةِ، ونَظمُوها؛ لأنَّ النَّظْمَ أخَفُّ عَلَى
النَّفْسِ وأسْرَعُ فِي الحِفظِ، وأبْقَى فِي الذَّاكِرَةِ، فنَظَمُوا هذهِ
المُتونَ فِي العقائدِ؛ ليَسْهُلَ حِفْظُها، ومِن ذلك هذه المنظومةِ الَّتِي بينَ
أيدِينا، وهي: «حائِيَّةُ ابن أبي داودَ».
وسُمِّيَتْ «الحائيَّة»؛
لأنَّها عَلَى رَوِيِّ الحاءِ، مِثل المِيمِيَّة لابنِ القيِّمِ، والنُّونِيَّة
له؛ لأنَّهما عَلَى رويِّ النُّون أو المِيم، فالنَّظمُ إذا كانَ عَلَى قافيةٍ
واحدةٍ فإنَّهُ يُسمَّى باسمِ هذه القافيةِ، كأنْ يكونَ عَلَى الحاءِ، أو الميمِ
أو النُّونِ، فيُقالُ: الحائِيَّة، أو المِيمِيَّة، أو النُّونِيَّة، وهكذا.
أَمَّا إذا كانَ
النَّظمُ ليسَ عَلَى قافيةٍ واحدةٍ، وهو ما يُسمَّى بالرَّجَزِ، فهذا يُسمَّى
بالمنظومَةِ، أو الأُرجوزَةِ، مثل: منظُومة السَّفَّارينيِّ، ومنظُومةِ
الرَّحَبِيَّة فِي الفرائضِ، ومثل: نظم ابن عبدِ القَويِّ لـ «المُقْنِع» فِي
الفِقْه، ونَظْمِه لـ «الآدابِ الشَّرعِيَّة».
والحاصلُ: أنَّ النَّظمَ جيِّدٌ؛ لأنَّهُ يسْهُلُ حِفظُه فيَبْقَى، ولأنَّهُ ينظِّمُ المعلوماتِ، وإنْ كانَ النَّثْرُ هو الأصلُ، ولكِنَّ النظمَ - أيضًا - له فائدَتُه فِي تثبيتِ المَعلُوماتِ - ومِنهُ هذه المنظومةُ الجَيِّدَةُ: القصيدةُ الحائِيَّةُ لأبي بكرِ بن أبي داود.