×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

هذهِ أوصافُ جبريلَ عليه السلام، فهوَ أَمينٌ على وَحْي اللهِ، لا يَزيدُ فيه ولا يَنقُصُ، وإنَّما يُبلِّغُه كما تَحمَّلَه عنِ اللهِ جل وعلا.

ثم قالَ: ﴿وَمَا صَاحِبُكُميعني محمَّدًا صلى الله عليه وسلم، ﴿بِمَجۡنُونٖ: كما يقولُه المُشرِكون، نَفَى عنه الجُنونَ.

﴿وَلَقَدۡ رَءَاهُ: أي: رأى جِبريلُ عليه السلام على صُورتِه الْمَلَكيَّةِ، رآهُ فوْقَهُ ببَطحاءَ مكَّةَ([1]).

﴿بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡمُبِينِ: يعني: عنانَ السَّماءِ، رآهُ رُؤيةَ عِيَان.

ثم قالَ جل وعلا: ﴿وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ [النجم: 13]: أي: رأى مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم جبريلَ على صُورتِه مرَّةً ثانيَةً عندَ سِدرةِ المُنتَهى ليلةَ المِعراجِ ([2]). فنبيُّنَا محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم رأى جبريلَ على صُورتِه الَّتي خَلَقَه اللهُ عليها مرَّتيْنِ: مرَّةً في مكّةَ، ومرَّةً في المَلأِ الأعلى عندَ سِدرةِ المُنتَهى، وما عدا ذلكَ فإنَّ جِبريلَ يأتي إلى محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم في صُورةِ رجلٍ، وعندَهُ أصحابُهُ يَرونَه رَجلاً؛ لأنَّهم لا يُطيقونَ رُؤيَتَه على صُورتِه المَلَكيَّةَ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3232)، ومسلم رقم (174).

قالَ ابنُ كثيرٍ: ((وقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدۡ رَءَاهُ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡمُبِينِ ﴾يعني: ولقد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالةِ عنِ الله عز وجل على الصُّورةِ الَّتي خَلقها اللهُ عليها له سِتَّمائةُ جَناحٍ ﴿ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡمُبِينِ ﴾ أي: البين، وهي الرؤيةُ الأولى التي كانتْ بالبطحاءِ، وهي المَذكورةُ في قولِهِ: ﴿ عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ ٥ ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ ٦ وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ ٧ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ ٨ فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ ٩ فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ ١٠ [النجم: 5- 10] )) انظر ((تفسير ابن كثير)) (9/ 130) ط. المنار.

([2])  أخرجه: مسلم رقم (174).