×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

 تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ [آل عمران: 26] فاللهُ جل وعلا هو مالِكُ المُلكِ، وأمَّا المُلوكُ مِن بَني آدمَ فإنَّما مُلكُهُم عارِيَةٌ: يُؤتِيها اللهُ مَن يَشاءُ منهُم، ثمَّ يَنزِعُها منهُم ويُعطيها للآخَرِ، فهوَ من بابِ التَّداوُلِ. أمَّا المُلكُ الثَّابتُ الدَّائمُ الَّذي لا يَزولُ فهو مُلكُ اللهِ جل وعلا، وحينَ تقومُ السَّاعةُ يقولُ اللهُ جل وعلا: ﴿لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ فلا أحَدَ يُجيبُ، ولا أحَدَ يَتكلَّمُ، فلو كانَ لأحَدٍ دَعْوى لقالَ: المُلْكُ لي، ثمَّ يُجيبُ اللهُ جل وعلا نَفْسَه فيقولُ: ﴿لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ [غافر: 16]، ولا أحَدَ يُعارِضُ في هذا، فالمُلكُ للهِ جل وعلا وإنَّما يَهَبُ مَن يَشاءُ شَيئًا منَ المُلكِ مدَّةً مُحدَّدةً، ثمَّ إمَّا أنْ يَموتَ، أو يُؤخَذَ منهُ المُلكُ ويُنزَعَ بالقُوَّةِ.

قوْلُ النَّاظِمِ رحمه الله تعالى: «بذلكَ»: أي: بأنَّ القُرآنَ غَيرُ مَخلوقٍ.

قولُه: «دَانَ الأَتْقياءُ»: يعني: اعتَقَدَ الأتْقِياءُ مِن الأئِمَّةِ هذا القَولَ.

قولُه: «وأفصَحُوا»: أي: أظهَرُوه للنَّاسِ، وقالُوا: القُرآنُ مُنزَّلٌ غيرُ مَخلوقٍ. لم يَسكُتوا ويقولُوا: هذهِ آراءٌ، وتركوا النَّاسَ على حُرِّيَّةِ الكلمَةِ، وحُرِّيَّةِ الرَّأي، بل إنَّهم أفْصَحوا غايَةَ الإفْصاحِ، وناظَرُوا وجادَلُوا، وألَّفُوا وكَتَبُوا في ردِّ هذا القوْلِ؛ لخُطورَتِه وشَناعَتِه، ولمَا فيهِ مِن تنقُّصٍ للهِ عز وجل فلا يَسَعُ أهْلَ العِلْمِ أن يَسكُتُوا عن هذا القَولِ أو يَتساهَلُوا فيهِ.


الشرح