أمَّا مَن يقولُ:
إنَّ مَسألَةَ القوْلِ بخَلْقِ القُرآنِ لا تَحتاجُ إلى هذا الاهْتِمامِ؛ لأنَّها
مِن فُضولِ الكلامِ - كما يقُولُهُ بعضُ المُتحَذْلِقينَ منَ الكُتَّابِ المُعاصِرينَ،
ومَن يَتسَمَّى بالعِلْمِ - فهذا قوْلٌ باطِلٌ، وهذا تَهوينٌ من مَسألَةٍ خطيرَةٍ
لا يَنبَغي التَّساهُلُ فيها، فليسَ هيَ من فُضولِ الكَلام.
وهذا الكَلامُ
تَسفِيهٌ للأئِمَّةِ الَّذينَ اهتمُّوا برَدِّها، وعُذِّبَ مَن عُذِّبَ بِسَبَبِها
كالإمامِ أحمَدَ، وقُتِلَ مَن قُتِلَ مِنهم في رَدِّها، ثمَّ يأتي مَن يقولُ: هذهِ
مسالَةٌ تافِهةٌ ولا تتحمَّلُ كلَّ هذا!
فهذا إمَّا أن يكونَ
جاهِلاً لا يَدري عَن شَيءٍ، وإمَّا أنَّه مُتجاهِلٌ مُبطِلٌ يُريدُ ألا يرُدَّ
على الجهميَّةِ والمُعتزلَةِ والأشاعِرَةِ.
وبعْضُهم يقولُ:
النَّاسُ أحرارٌ، لا تُحَجِّروا عليهِم حُرِّيَّةَ القَولِ وحُرِّيَّةَ الكلمَةِ!
يعني: لا تردُّوا الباطِلَ، ولا تُبيِّنُوا الحقَّ، كلٌّ لهُ كلامُه، وكلٌّ لهُ
قوْلُه! فعَلَى هذا تكونُ الدُّنْيا فَوْضَى.
فيَنبَغي
التَّفطُّنُ لهذهِ الدَّسائسِ، وهذهِ الشُّرورِ الَّتي تُحاكُ ضِدَّ المسلمينَ.
قوْلُ النَّاظِمِ رحمه الله تعالى: «وَقُلْ
غَيْرُ مَخْلُوقٍ»: هذا رَدٌّ على الجَهميَّةِ ومَن قالَ بقوْلِهم.
وقوْلُه: «كَلاَمُ مَلِيكِنَا»: المَليكُ
هوَ المَلكُ، واللهُ جل وعلا هوَ المَلِكُ، قالَ تَعالى: ﴿تَبَٰرَكَ
ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ ﴾ [الملك: 1]، وقال: ﴿قُلِ
ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ
مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن