فالحاصِلُ: أنَّ الَّذي لا
يتكلَّمُ لا يَصلُحُ للرُّبوبيَّةِ والإلَهيَّةِ؛ لأنَّه ناقِصٌ، كيفَ يأمُرُ،
وكيفَ يَنهَى، وكيفَ يُدبِّرُ وهو لا يتكلَّمُ؟! هذا تعجيزٌ للهِ عز وجل واللهُ جل
وعلا يقولُ: ﴿ قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ
مِدَادٗا لِّكَلِمَٰتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَٰتُ
رَبِّي ﴾ [الكهف: 109]،
ويقول: ﴿وَلَوۡ
أَنَّمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَٰمٞ وَٱلۡبَحۡرُ يَمُدُّهُۥ مِنۢ
بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرٖ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَٰتُ ٱللَّهِۚ﴾ [لقمان: 27]،
فكلماتُ اللهِ الَّتي يأمُرُ بها ويَنهى ويُدبِّرُ - دائِمًا وأبدًا - لا تُحْصى
ولا تَكتُبُها البِحارُ وأقلامُ الدُّنيا.
والجهميَّةُ يقولونَ: كلامُ اللهِ
مخلوقٌ!
فهذا فيهِ وصْفُ
اللهِ بالعَجْزِ، وأنَّه لا يَتكلَّمُ ولا يأمُرُ ولا يَنهى.
وفيه -أيضًا-: أنَّ هذا
القُرآنَ ليس كلامَ اللهِ.
معَ أنَّ القرآنَ هو
الأصلُ الأوَّلُ من أُصولِ الأدلَّةِ، فإذا كانَ ليسَ كلامَ اللهِ فكيفَ يَستدِلُّ
به؟!
وهيَ دَسيسَةٌ يَهوديَّةٌ؛ لأنَّ أصلَ مَذهَبِ الجهميَّةِ مَأخوذٌ عنِ اليَهودِ؛ كما ذكَرَ شَيخُ الإسلامِ رحمه الله تعالى في رِسالَتِه الحمويَّةِ ([1]). أنَّه مَأخوذٌ عنِ اليهودِ. وليسَ هذا بغريبٍ على اليَهودِ - لَعَنهمُ اللهُ - الَّذينَ حرَّفُوا كلامَ اللهِ وبدَّلُوا وغيَّرُوا، فهذهِ دَسيسَةٌ منَ اليَهودِ ليُبْطِلوا القرآنَ الَّذي بأيدي المُسلمينَ، فهذا مَذهَبٌ خَبيثٌ؛ ولهذا انبَرَى الأئِمَّةُ إلى رَدِّهِ وإبطالِه، وبَيانِ أنَّه زَيْفٌ مَدْسوسٌ.
([1]) انظر: الفتوى الحموية الكبرى (ص 232- 235) ط. دار الصميعي.