×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

المخلوقِ، صَوتُه مَخلوقٌ، ونُطْقُه مَخلوقٌ؛ ولهذا تَختَلِفُ القِراءاتُ والأصواتُ، بَعضُها حَسنٌ، وبَعضُها غيرُ حسنٍ، وبَعضُها جَيِّدٌ، وبَعضُها غَيرُ جَيِّدٍ، فهذا دليلٌ على أنَّ الصَّوتَ مَخلوقٌ. والقُّراءُ يَختَلِفون: بَعضُهم يُعطِي صَوْتًا حَسنًا، وبَعضُهم يُعطِي دونَ ذلك، أمَّا كلامُ اللهِ جل وعلا فإنَّه لا بدَّ أن يكونَ في غايَةِ الكَمالِ.

وما كانَ يَنبغي الدُّخولُ في هذا، ولكن هُم الَّذينَ أَلْجَؤُوا المسلمينَ إلى هذا الشَّيءِ، فلا بدَّ مِن كَشْفِه وبَيانِه، فهِيَ مُصيبَةٌ في الحَقيقةِ، ولَوْلا أنَّ اللهَ قَيَّضَ لها الأئِمَّةَ ليُبيِّنُوها لالْتَبَسَ على كَثيرٍ مِن النَّاسِ هذا الأمْرُ.

·        فمَذاهِبُهم إذًا ثلاثَةٌ:

الأوَّلُ: مَذهَبُ الجَهميَّةِ القائِلينَ بخَلْقِ القُرآنِ.

الثَّاني: مَذهبُ الواقِفَةِ.

الثّالث: مَذهبُ اللَّفظيَّةِ، الذينَ يقولونَ: لَفظي بالقُرآنِ مَخلوقٌ أو غيرُ مَخلوقٍ.

فنقولُ لهمْ: لا بدَّ منَ التَّفصيلِ: فإن كُنتُم تُريدونَ التَّلفُّظَ بالصَّوتِ فهذا مَخلوقٌ، وإن كُنتُم تُريدونَ المَلفوظَ به والمَتْلُوَّ فإنَّه كلامُ اللهِ غيرُ مَخلوقٍ؛ ولهذا جاءَ في الحديثِ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» ([1])، فيُطلبُ منَ القارِئِ أن يُحسِّنَ صَوتَه بالقُرآنِ، وكان صلى الله عليه وسلم يُعجِبُه الصَّوتُ الحَسنُ بالقُرآنِ، كانَ يَستمِعُ إلى أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه، وهوَ يُصلِّي باللَّيلِ؛


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1468)، والنسائي رقم (1015) وابن ماجه رقم (1342)، وأحمد رقم (18494)، والدارمي رقم (3543).