×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

وهذا في الحقيقَةِ احتِيالٌ على القَولِ بخَلقِ القُرآنِ، فلا يجوزُ لكَ أنْ تَقُولَ: لَفظي بالقُرآنِ مَخلوقٌ، ولا يجوزُ لك أنْ تقولَ: غيرُ مخلوقٍ. بل لا بدَّ منَ التَّفصيلِ، إن قلتَ: لَفْظي بالقُرآنِ مَخلوقٌ ولم تُفَصِّلْ؛ فهذا مَذهَبُ الجَهميَّةِ، وإنْ قُلتَ: لَفظي بالقُرآنِ غيرُ مخلوقٍ، فهذا - أيضًا - تأييدٌ لقوْلِ الجهميَّةِ؛ لأنَّكَ إذا قلتَ: لَفظي بالقُرآنِ غيرُ مخلوقٍ، فأنتَ أَدخلْتَ أفْعالَكَ معَ أفْعالِ اللهِ، وجَعلتَ فِعْلَكَ غيرَ مَخلوقٍ، وهذا مَذهَبُ القدريَّةِ الَّذينَ يَنفُونَ القَدَرَ، ويَجعَلُون العِبادَ همُ الَّذينَ يَبتَكِرون أفْعالَهم ويَخْلُقونَها.

فلا بدَّ منَ التَّفصيلِ بأنْ تقولَ: ماذا تُريدُ بقَولِكَ: لَفظي بالقُرآنِ، هل تُريدُ التَّلفُّظَ والصَّوتَ، أو تُريدُ المَلفوظَ به؟

فإنْ كنتَ تُريدُ المَلفوظَ به فهوَ غيرُ مخلوقٍ، إنَّما المَلْفوظُ به هو كلامُ اللهِ جل وعلا.

أمَّا إذا أردتَّ به التَّلفُّظَ الَّذي تَنطِقُه بلِسانِكَ فهذَا مَخلوقٌ، فلِسانُكَ مَخلوقٌ، وصَوتُكَ مخلوقٌ، ولَفظُكَ مَخلوقٌ، ولكنَّ المَلفوظَ به المُؤَدَّى باللّفْظِ، هذا غيرُ مخلوقٍ، فلا بدَّ منَ التَّفصيلِ.

هُم يُريدونَ الإجمالَ، بأنْ تقولَ: لَفْظي بالقُرآنِ مَخلوقٌ، أو تقولَ: غيرُ مخلوقٍ، فيَدخُلُون من هذهِ الحيلَةِ، فلا بدَّ أن تُفصِّلَ؛ لتَقْطَعَ عليهِمُ الطَّريقَ.

ولهذا يقولُ أهْلُ السُّنَّةِ: الصَّوْتُ صَوْتُ القَارِي، والْكَلاَمُ كَلاَمُ الْبَارِي. أي: المَلفوظُ بهِ كلامُ اللهِ، وأمَّا اللَّفظُ والأداءُ فهوَ كلامُ


الشرح