×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

 فالمُشركونَ وَصَفُوا اللهَ بأنَّ له البناتِ، والنَّصارَى وصَفوا اللهَ بأنَّ له وَلدًا، وهوَ المَسيحُ عِيسى ابنِ مريمَ وهوَ عبدُ اللهِ ورسولُه؛ ﴿ قَالَ إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا [مريم: 30]، ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا عَبۡدٌ أَنۡعَمۡنَا عَلَيۡهِ وَجَعَلۡنَٰهُ مَثَلٗا لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ [الزخرف: 59]، فعيسى عبدُ اللهِ ورسولُه وكَلمَتُه ألْقَاها إلى مريمَ ورُوحٌ، وليس هوَ ابْنًا للهِ عز وجل، فاللهُ سُبحانَه ﴿لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ [الإخلاص: 3] لا بِدايةَ لهُ سبحانه وتعالى كما أنَّه لا نِهايةَ لهُ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَدعُو فيقولُ: «أَنتَ الأَْوَّلُ فَلَيسَ قَبْلَكَ شَيءٌ، وَأَنتَ الآْخِرُ فَلَيسَ بَعْدَكَ شَيءٌ، وَأَنتَ الظَّاهِرُ فَلَيسَ فَوْقَكَ شَيءٌ، وَأَنتَ الْبَاطِنُ فَلَيسَ دُونَكَ شَيءٌ» ([1])، هذهِ صِفاتُ اللهِ جل وعلا فهوَ أوَّلٌ بلا بِدايةَ، دائمٌ بلا نِهاية، سبحانه وتعالى.

قوْلُه تعالى: ﴿ وَلَمۡ يُولَدۡ [الإخلاص: 3]: هذا نَفْيٌ للشَّريكِ والشَّبيهِ؛ لأنَّ الوَلَدَ شَبيهٌ لوالِدِه وشريكٌ له، وأيْضًا الولد إنَّما يكونُ للحاجةِ، واللهُ - سُبحانه - منزَّهٌ عن ذلكَ، ﴿ هُوَ ٱلۡغَنِيُّۖ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ ِ [يونس: 68]، فهو غَنيٌّ سبحانه وتعالى عَنِ الولدِ، أمَّا أنتم فأَنتُم بحاجةٍ للوَلدِ، فالإنسانُ الَّذي ليسَ له أولادٌ يكونُ عندَه عَجْزٌ وضَعْفٌ، وهو بحاجةٍ إلى الأولادِ ليُساعِدُوه.

وقوْلُه تَعالى: ﴿لَمۡ يَلِدۡ [الإخلاص: 3]: هذا نَفْيٌ للبِدايةِ.

وقوْلُه تَعالى: ﴿وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ [الإخلاص: 4]: الكُفْوُ: مَعناهُ: الشَّبيهُ والمَثيلُ، فاللهُ جل وعلا ليسَ له شَبيهٌ ولا مَثيلٌ، أي: لا أحَدَ يُكافِئُه - سُبحانه - أو يُساويه أو يُشابِهه أو يُماثِله أبدًا.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2713).