فيَجبُ إثباتُ
النُّزولِ للهِ، كما أثْبَتَهُ له رَسولُه صلى الله عليه وسلم، وأنَّه يَنزِلُ
كلَّ ليلَةً حينَ يَبقَى ثُلُثُ الليلِ الآخَرِ، وهذا يَدمَغُ المُعطِّلَةَ؛
لأنَّه مُتواتِرٌ؛ لأنَّ من عادَتِهم أن يَقولوا: هذا حَديثُ آحادٌ لا يُفيدُ
العِلْمَ! ولكنَّ هذا ليسَ لهم فيهِ حِيلةٌ؛ لأنَّه مُتواتِرٌ عنِ النَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم.
وهذا النُّزولُ
مِثْلُ سائِرِ صِفاتِه جل وعلا ليسَ مِثْلَ نُزولِ المَخلوقِ، وإنَّما هو نُزولُ
الجَبَّارِ جل وعلا كما يَلِيقُ بجَلالِه، ولا نَعلَمُ كَيفيَّتَهُ، وإنَّما
نُثبِتُه كما جاءَ، مُؤمِنينَ به، لا نَتأَوَّلُه، ولا نُعطِّلُه، ولا نُمثِّلُه
بِنُزولِ المَخلوقِ عنِ المَخلوقِ، فهُو نُزولٌ يَليقُ بعَظمَةِ اللهِ جل وعلا.
ولأنَّه حديثٌ
مُتواتِرٌ، لا حِيلةَ لهم فيه، أَخَذُوا يُشرِّقُون ويُغَرِّبون، يُريدونَ
التَّخَلُّصَ منهُ: فقالوا: «يَنزِلُ» يعني: يَنزِلُ أمْرُه!
فيُقالُ لهم:
الحَديثُ فيهِ أنَّه يقولُ: «مَن يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، مَن
يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، هَلْ مِن تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟ هَلْ مِن
مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِن سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟» ([1])، فهل «الأمْرُ»
يقولُ: مَن يَسأَلُني فَأعْطِيَه؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟! فهذا بَاطِلٌ،
وإنَّما الَّذي يقولُ هذا هوَ اللهُ سبحانه وتعالى.
وقالوا: «يَنزِلُ
ربُّنا»: يعني: يَنزِلُ مَلَكٌ منَ المَلائِكَةِ!
ويُقالُ لهُم: هلِ
المَلَكُ يقولُ: مَن يَسْتغْفِرُني؟ مَن يَسأَلُني؟! هل من تَائِبٍ فأتُوبَ عليهِ؟
هل هذا يَصدُرُ مِن المَلَكِ أو يَصدُرُ منَ الرَّبِّ سبحانه وتعالى ؟!
الجوابُ: هذا منَ الرَّبِّ جل وعلا.
([1]) أخرجه: الدارمي رقم (1521)، وأحمد رقم (16747)، والنسائي رقم (10248).