×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

وهما وزيرا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أي المستشارانِ للرَّسولِ صلى الله عليه وسلم. والوَزيرُ: هوَ المُؤازِرُ والمُؤيِّدُ لوَليِّ الأمْرِ، قالَ اللهُ جل وعلا في مُوسى: ﴿وَجَعَلۡنَا مَعَهُۥٓ أَخَاهُ هَٰرُونَ وَزِيرٗا [الفرقان: 35]، يُؤَازِرُه؛ لأنَّ مُوسى دَعَا رَبَّه فقالَ: ﴿ وَٱجۡعَل لِّي وَزِيرٗا مِّنۡ أَهۡلِي ٢٩ هَٰرُونَ أَخِي ٣٠ ٱشۡدُدۡ بِهِۦٓ أَزۡرِي ٣١ وَأَشۡرِكۡهُ فِيٓ أَمۡرِي ٣٢ [طه: 29 - 32]، هذا هوَ الوَزيرُ. الَّذي يُشارِكُ في الرَّأي ويُؤازِرُ وليَّ الأمْرِ ويُشيرُ عليه بالنُّصْحِ، فأبو بكر وعمرُ هما وزيرا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كما أنَّ هارونَ وَزيرُ مُوسى علَيهِما السَّلامُ.

قوْلُ النَّاظمِ رحمه الله تعالى: «ثمَّ عُثمانُ الأرْجَحُ»: الثَّالثُ في الفَضْلِ هو: عُثمانُ رضي الله عنه، وهوَ مِن أوَّلِ السَّابِقينَ الأوَّلِينَ إلى الإسلامِ، هاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ: هاجَرَ إلى الحَبشةِ، وهاجَرَ إلى المَدينَةِ، وأنفَقَ الأموالَ في سَبيلِ اللهِ عز وجل وحفَرَ بئْرَ رُومَةَ للمُسلمينَ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «مَن يَحْفُرْ هَذَا الْبِئْرَ وَلَهُ الْجَنَّةُ» ([1])، فحَفَرَها عُثمانُ رضي الله عنه، وأوقَفَها للمُسلمينَ، وجهَّزَ جَيشَ العُسْرَةَ بكامِلِه من مالِه، وهوَ الَّذي تولَّى الخِلافةَ بعدَ عُمرَ بإجماعِ أصْحابِ الشُّورَى الَّذين عَهِدَ إليهم عُمرُ رضي الله عنه، فبايَعُوه وبايَعَهُ المُسلمونَ.

وهوَ - أَيضًا - زَوجُ بِنتَيِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم: رُقَيَّةَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، وَلِذَلكَ يُسمَّى ذا النُّورَيْنِ؛ لأنَّه تَزوَّجَ بِنتَي الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم.

ولمَّا أرسَلَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى مكَّةَ يُفاوِضُ المُشركينَ وأُشيعَ أنَّه قُتِلَ، بايَعَ له الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم بيَدِه، وقالَ: «وَهَذِهِ لِعُثْمَانَ» ([2])، وتمَّتِ البَيعَةُ وهوَ غيرُ حاضِرٍ؛ لأنَّه في مكَّةَ.


الشرح


([1])  أخرجه: البخاري رقم (2778).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (4066).