فكلُّ شيءٍ له
صِفاتٍ جَعَلها الله له، لا يَزِيد عنها ولا يَنقُص، فهذا شيءٌ مقدَّر، كما قال
تَعالَى فِي المطر: ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُۥٓ إِلَّا
بِقَدَرٖ مَّعۡلُومٖ﴾ [الحجر: 21] المَطَر معلومٌ الكَمِّيَة، ومعلومُ مكانِ
النُّزول، ووقتِ النُّزول فهو معلومٌ لله تَعالَى من جَمِيع جِهاتِه.
فما من شيءٍ إلاَّ
والله جل وعلا عَلِمه وخَلَقه وقدَّرَه، لم يُوجَد بدون خَلْق، ولا من غَيرِ
سابِقِ تَقديرٍ، ومن غَيرِ أنَّه مَكتُوب فِي اللَّوحِ المَحفُوظ، ومن غَيرِ أن
يَشاءَه الله جل وعلا ويُرِيدُه. فأُمُور الكونِ لَيسَت فَوضَى، وإنَّما هي
مُنضَبِطَة بتَقديرِ الله لها وإِيجادُه لها ومَشِيئَتُه لها بصِفاتِها التي هي
عَلَيهِا. فهَذَا أمرٌ مُهِمٌّ جدًّا.
والإِيمانُ
بالقَضاءِ والقَدَر ضَلَّت فيه أفهامٌ، وزَلَّت فيه أَقدامٌ، ممَّن لم يَنظُروا
فِي الآياتِ القُرآنِيَّة والأَحاديثِ النَّبَويَّة، وإنَّما اعتَمَدوا عَلَى
عُقولِهم وأَفكارِهم، فتخبَّطُوا فِي القَضاءِ والقَدَر تخبُّطًا فظيعًا، وهَدَى
الله أهلَ السُّنَّة والجَماعَة، فآمَنُوا به عَلَى الوَجهِ الذي أَرادَه الله
وفَرَضَه عَلَى عِبادِه، بمُوجَب نُصوصِ الكتابِ والسُّنَّة، كعادتَهِم فِي جَميعِ
أَبوابِ العَقِيدَة.
· والبَحثُ فِي القَضاءِ والقَدَر
يتضمَّنُ أُمورًا كَثِيرةً:
أوَّلاً: معنى القَضاءِ
والقَدَر:
القَدَر هو: تَقدِيرُ الله جل وعلا للأَشياءِ وإِرَادَتِه لها وإِيجادُها فِي وَقتِها. هَذَا مَعنَى القَدَر، وكَذَلِكَ معنى القَضاءِ.