وغَالِبًا يَأتِي
التَّعبِير بالقَضاءِ والقَدَر، ولا فَرْقَ بَينَهُما، إلاَّ أنَّ القَضاءَ أعمُّ
من القَدَر ([1])؛ لأنَّ القَضاءَ
يأتِي بمَعنَى القَدَر؛ بمَعنَى أنَّ الله قدَّر الأَشياءَ وقَضاهَا، ويَأتِي
بمَعنَى الفَصلِ بينَ النَّاس والحُكمِ بينهم فِيمَا اختَلَفوا فيه: ﴿إِنَّ
رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ
يَخۡتَلِفُونَ﴾ [الجاثية: 17].
فالقَضاءُ أعمُّ من القَدَر، فبَينَهُما عُمومٌ وخُصوصٌ.
ثانيًا: حُكمُ
الإِيمانِ بالقَضاءِ والقَدَر:
الإِيمانُ بالقَضاءِ
والقَدَر واجِبٌ وفَرضٌ عَلَى المُؤمِنين؛ لأنَّه رُكنٌ من أَركانِ الإِيمانِ
السِّتَّة، ولأنَّه إيمانٌ بقُدرَة الله جل وعلا ؛ ولهذا قالوا: «القَدَر قُدرَة
الله، فمَن جَحَده، فقد جَحَد قُدرَة الله جل وعلا » ([2]). وفِي بعض
العِبارَات: «القَدَر سِرُّ الله فِي خَلْقِه» ([3]).
والبَحثُ فِي القَضاءِ والقَدَر لا يَجُوز أن يُتعدَّى فيه ما جاء فِي النُّصوصِ من الكِتابِ والسُّنَّة، والتَّعمُّق فيه يُفضِي إلى الضَّلال والحَيرَة؛
([1]) انظر: ((النهاية فِي غريب الحديث والأثر)) لأبي السعادات بن الأثير (4/78) ط. المكتبة العلمية، ((ولسان العرب)) لابن منظور (15/186)، وشرح قصيدة ابن القيم لابن عيسى (1/71).
([2]) انظر: ((الإبانة)) لابن بطة (2/131) ط. دار الراية للنشر، و((منهاج السُّنَّة النبوية)) (3/254) ط. مؤسسة قرطبة.
([3]) أخرجه: اللالكائي فِي ((اعتقاد أهل السُّنَّة)) (1122)، وأبو نعيم فِي ((الحلية)) (6/181) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكلموا بشيء من القدر فإنه سر الله فلا تفشوا سر الله». وروى نحوه الخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)) (2/388) عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا.