لأنه سِرُّ الله فِي خَلقِه، فأنت حين تتعمَّق
وتَبحَث فيه لن تَصِل إلى نتيجة؛ لأنَّك تَبحَث عن شيءٍ أسرَّه الله جل وعلا عن
خَلقِه، وحَسبُك أن تُؤمِن به، فما تعمَّق فيه أحدٌ ووَصَل إلى نَتِيجَةٍ، بل
وَصَل إلى الحَيرَة والاِضطِرَاب؛ ولِذَلِكَ حسبُك أن تتمشَّى مع النُّصوص
الوَارِدَة فِي كتاب الله وسُنَّة رَسُولِه صلى الله عليه وسلم فِي إِثباتِ
القَدَر والإِيمان به، ويَكفِيك هَذَا.
ثالثًا: مَراتِبُ
الإِيمانِ بالقَضاء والقَدَر:
· الإِيمانُ بالقَضاء والقَدَر
يتضمَّن أَربَعَ مَراتِبَ:
المَرتَبة الأُولى: الإِيمانُ بأنَّ
الله عَلِم ما كان وما يَكُون بعِلْمِه الأزلِيِّ الذي هو مَوصُوف به أزلاً
وأبدًا.
فما مِن شيءٍ إلاَّ
ويَعلَمُه الله جل وعلا يَعلَم ما كان وما يَكُون، قال تَعالَى: ﴿وَمَا
تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةٖ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡأَرۡضِ
وَلَا رَطۡبٖ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ﴾ [الأنعام: 59].
وقال تَعالَى: ﴿أَلَمۡ
تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ مَا
يَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا
هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَآ أَدۡنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ
مَعَهُمۡ أَيۡنَ مَا كَانُواْۖ﴾ [المجادلة: 7]، فهو يَعلَم
ما يَكُون بين النَّاس من الكَلامِ والنَّجوَى فيما بينهم وهو سبحانه: ﴿يَعۡلَمُ
مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَِۚ﴾ [النحل: 23].
﴿وَٱللَّهُ
عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ﴾ [آل عمران: 154].
﴿وَيَعۡلَمُ
مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ﴾ [آل عمران: 29].
وقال تَعالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَخۡفَىٰ عَلَيۡهِ شَيۡءٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ [آل عمران: 5].