×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

 ﴿وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡ‍ٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٞ [البقرة: 123]، ولو بَذَل الكافِرُ أَموالَ الدُّنيا يُريد الفِديَة لم تُقبَل منه، ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٞ فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡ أَحَدِهِم مِّلۡءُ ٱلۡأَرۡضِ ذَهَبٗا وَلَوِ ٱفۡتَدَىٰ بِهِۦٓۗ [آل عمران: 91]، لا يُقبَل مِنهُم عدلٌ، وهو المالُ الذي يَفتَدُون به أَنفُسَهم، ولا يُقبل فيهم شَفاعَة أحدٍ، بل هم قَطعًا من أهل النَّار خَالِدون مُخَلَّدون فيها.

·        فهَذِه الشَّفاعة عِندَ الله لا تكون إلاَّ بشَرطَيْن:

الأوَّل: إِذنُ الله للشَّافعِ أن يَشفَع.

الثَّانِي: أن يكون المَشفُوع فيه من عُصاةِ المُوَحِّدين.

أمَّا المَخلُوق فتَشفَع عِندَه ولو لم يأذن لك بالشَّفاعَة، ولو لم يَرْضَ عن المَشفُوع فيه، قد يُبغِض المَشفُوع فيه ويَوَدُّ أن يَقتُله، أو يَنتَقِم منه، ولا يرضى عنه، ولكن يقبل الشَّفاعة فيه مضطرًّا؛ لحاجته للنَّاس والوُزَراء والأَعوانِ، فلو رَدَّ شَفاعَتَهم لتنكَّروا عَلَيهِ، فهو يتألَّفُهم ويَقبل شَفاعَتَهم، ولو كان لم يأذن، ولو كان لا يرضى عن المَشفُوع فيه.

أمَّا الله جل وعلا فلا يَشفَع أحدٌ عِندَه إلاَّ بإِذنِه، ولا يَشفَع عِندَه إلاَّ فِي عُصاة أَهلِ التَّوحيدِ. هَذَا هو الفَرقُ بين الشَّفاعَتَين.

فالشَّفاعة عِندَ الله حقٌّ بِهَذينِ الشَّرطَينِ، وهي الشَّفاعَة المُثبَتَة، وأمَّا الشَّفاعَة المَنفِيَّة فهي الشَّفاعة فِي الكُفَّار، أو الشَّفاعَة التي تكون بغَيرِ إذن الله.


الشرح