فالشَّفاعة شَفاعَتُنا - كما قال العلماء -:
شَفاعَةٌ مُثبَتة، وشَفاعَة مَنفِيَّة ([1]). قال تَعالَى: ﴿ فَمَا تَنفَعُهُمۡ
شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ﴾ [المدثر: 48]، وقال: ﴿مَا
لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18].
قد يَأتِيك مَن
يقول: الشَّفاعَة لا تُقبل بدَليلِ هَاتَين الآيَتَينِ.
فتَقُول: هُناك آياتٌ تدلُّ
عَلَى قَبُول الشفاعة؛ كقَولِه تَعالَى: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي
يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ﴾ [البقرة: 255]
وقوله: ﴿وَلَا
يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ﴾ [الأنبياء: 28].
وقوله: ﴿وَكَم
مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيًۡٔا إِلَّا مِنۢ
بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ﴾ [النجم: 26]، فهي
تدلُّ عَلَى قَبول الشّفاعة بالشَّرطَينِ: أن يأذن الله بِهَا، وأن يَرضَى عن
المَشفُوع فيه.
فليست كلُّ
الشَّفاعة مُثبَتةً، وليست كلُّها منفيَّةً، لا بُدَّ من التَّفصيل عَلَى حَسَب ما
جاء فِي الأدِلَّة.
والقُرآن لا يُضرَب بَعضُه ببعضٍ، وإنَّما يُجمَع بين الآياتِ ويُوفَّق بينها، ويفسَّر بَعضُها ببعضٍ، ويقيَّد ببعضٍ. هَذِه طَرِيقَة الرَّاسِخين فِي العِلمِ.
([1]) انظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فِي كتاب التوحيد (ص 283) مع ((فتح المجيد)) ط. قرطبة. و((مسائل كتاب التوحيد)) للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (ص 288) مع ((فتح المجيد)) ط. دار قرطبة.، المسألة الثانية والثالثة.