فلا يُؤخَذ طَرَف، ويُقال: الشَّفاعة ثابِتَة
لكُلِّ أحدٍ. كما يقول القُبورِيُّون والمُشرِكون من قبل، قال تَعالَى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾ [يونس: 18]،
يَطلُبون الشَّفاعة وهم يُشرِكون بالله! هَذِه شَفاعَة باطِلَة منفِيَّة.
وهُناك مَن يُنكِر
الشَّفاعة مُطلقًا كالمُعتَزِلة والخَوارِج.
أمَّا أهل السُّنَّة
فهم وَسَط فِي هَذَا البابِ، فقالوا: الشَّفاعة شَفاعتَانِ:
1- شفاعةٌ منفِيَّة.
2- وشفاعةٌ مُثبَتة.
فنحن لا نُنكِر
الشَّفاعة مُطلقًا، ولا نُثبِتُها مُطلقًا، بل لا بُدَّ من التَّفصيلِ؛ جمعًا بين
الآيات فِي هَذَا البابِ. هَذَا هو الفِقهُ فِي دين الله عز وجل، وهَذِه طَريقَة
الرَّاسِخين فِي العِلمِ.
قَولُ النَّاظِم رحمه الله تعالى: «وإنَّ
رَسُول الله للخَلقِ شَافِعٌ»: الشَّفاعة المُثبَتة أنواعٌ: منها ما هو خاصٌّ
بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومنها ما هو مُشتَرك بينه وبين غيره من
المَلائِكَة، والأَولياءِ والصَّالِحِين، والأَفراطِ.
·
فأمَّا الخاصُّ بالنَّبيِّ صلى الله عليه
وسلم فهو عِدَّة شَفاعاتٍ:
الشّفاعَة الأُولى: الشَّفاعة العُظمَى، فهو صلى الله عليه وسلم يشفع فِي الخَلقِ يومَ القِيامَة الشَّفاعةَ العُظمى، حينما يَطُول المَوقِف والحَشرُ عَلَى النَّاس، وهم وُقوفٌ عَلَى أَقدامِهِم، شَاخِصَة أَبصارُهم، حُفاةٌ عُراةٌ، تَدنُو مِنهُم الشَّمسُ، ويَأخُذ مِنهُم العَرَق ﴿فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥ خَمۡسِينَ أَلۡفَ سَنَةٖ﴾ [المعارج: 4]، فيَتقَدَّمون يَطلُبون مَن يَشفَع لهم عِندَ الله أن يُرِيحُهم من