عليك احتِرَامَ أهلِ
الحَديثِ. وأهل الحديث: هم أَهلُ الرِّوايَة الَّذين اعتَنَوا بسُنَّة رَسُول الله
صلى الله عليه وسلم، وحافَظُوا عَلَيهِا، حتَّى بَلَّغوها للنَّاس كما جاءت عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونَفَوا عنها كُلَّ دَخيلٍ وكُلَّ كَذِب، واعتَنَوا
بِها عِنايةً تامَّةً. وهم عَلَى قِسمَين:
الأوَّل: أَهلُ رِوايَة
فحَسبُ.
الثَّانِي: أَهلُ رِوايَة
ودِرايَة.
أَهلُ الرِّوايَة
هم: الحُفَّاظ الَّذين حَفِظوا الأَسانِيد، وأَتْقنوها، ومَيَّزوا رُواتِها،
وبيَّنوا أَحوالَ الرُّواة، وأيضًا اعتَنَوا بالمُتونِ وحَفِظوها وبَلَّغوها
بأَلفاظِها، حَتَّى أنَّ الحافِظَ إذا شَكَّ فِي لَفظِه يقول: أو قال كذا وكذا،
يأتِي بالاحتِمالِ الثَّانِي ولا يَجزِم. أو يقول: شكَّ فلان، ولو كانت اللَّفظَة
الثَّانِيَة بمعنى اللَّفظَة التي توقَّف فيها، ولو كان المَعنى واحِدًا،
يَحتَرِمون الأَلفاظَ، فيُؤَدُّون الحَديثَ بلَفظِه؛ كما جاء عن رَسُول الله صلى
الله عليه وسلم، عملاً بقَولِه صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً
سَمِعَ مَقَالَتَنَا، فَبَلَّغَهَا كَمَا سَمِعَهَا، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوعَى مِنْ
سَامِعٍ» ([1]).
فهم يُحافِظون عَلَى مُتون الأَحاديثِ وأَسانِيدِها ألاَّ يَدخُلها ألفاظٌ غَيرُ لَفظِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وإذا شَكُّوا بَيَّنوا الشَّكَّ، ويَدرُسون الأَسانِيد، ويَعرِفون أَحوالَ الرُّواة واحِدًا واحِدًا، ويُميِّزون بين الصَّحيح والحَسَن والضَّعِيف والمَوضُوع.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3660)، والترمذي رقم (2656)، وابن ماجه رقم (230)، وأحمد رقم (21590).