فالطَّائِفَة الأُولى: «نَقِيَّةٌ: قَبِلَتِ الْمَاءَ؛ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ
وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ»: وهذا مِثالٌ للحُفَّاظ، الَّذين أَمسَكُوا الحَديثَ
ورَوَوْه وحَفِظُوه، ومَنِ احتَاج إلى دليلٍ يَرجِعُ إلى ما دَوَّنوه وما جَمَعوه
فيأخُذ منه، مثل الجابِيَة التي تَحفَظ مِياهَ السُّيول، يَرِدَ إليها النَّاسُ
بدَوابِّهِم وبأَوانِيهم ويَرتَوُون منها. هَذَا مثل حُفَّاظ الحَديثِ تمامًا.
والطَّائفة
الثَّانِيَة: «أَمْسَكَتِ الْمَاءَ وَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ»: وهذا مِثالٌ
لفُقهاءِ الحَديثِ، الَّذين حَفِظوا الحديثَ وأَمسَكُوه واستَنبَطُوا منه
الأَحكامَ، وهذا إِنباتُ الكَلَأ، فشَرِب النَّاس وزَرَعوا.
وهَؤُلاءِ أحسنُ من
الطَّائِفَة التي قبلها، أحسنُ من الحُفَّاظ؛ لأنَّهم أهلُ رِوايَة وأهل دِرايَة.
والطَّائِفَة الثَّالِثَة: «إِنَّمَا هِيَ
قِيعانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلَأً»: فذَلِك مِثالُ مَن لم
يقبل هُدى الله، ولم يَرفَع بذَلِكَ رَأسًا:
· فالنَّاس كالأَراضِي -ثلاثَةُ
أقسامٍ -:
الأوَّل: أَجادِبُ: لا تُنبِت،
ولكنَّها أَمسكَت الماء. هَؤُلاءِ الحُفَّاظ.
الثَّانِي: أرضٌ
خِصبَة: أَمسكَت وأَنبَتت. هَؤُلاءِ هم الحُفَّاظ الفُقَهاء.
الثَّالِث: طَائِفَة
ليس فيها خيرٌ: لا تُنبِت كَلَأً ولا تُمسِك ماءً. هَذَا مثل المُنافِقين الذين لا خَيرَ
فيهم، الذين لا يَرفعون بسُنَّة الرَّسول صلى الله عليه وسلم رأسًا.
فأَهلُ الحَديثِ هم أَفضَل الأُمَّة، وهم الفِرقَة النَّاجِيَة.