×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 كما قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10]، فيُحبُّ لأخِيه المُسلمِ من الخيرِ ما يُحبُّ لنفسِه؛ لأنَّ المسلمين نَفسٌ واحدةٌ وجَسدٌ واحد، يتألَّمُ بعضُهم لألَمِ البَعض، ويَفرَحُ بعضُهم لفَرحِ البَعض، ويَتبادلون المَنافعَ بينَهم، ويَكفُّون الأذَى عن بعضِهم مع بَعْض، هذا شأنُ المسلمين.

ومن لازَم قولَه صلى الله عليه وسلم: «حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» أنْ يكرَهَ المسلمُ لأخيه ما يَكرهَهُ لنَفسِه، فكما أنَّك تكرَه لنَفسِك الشَّرَّ والضَّرَر، فإنَّك تكرَهُه أيضًا لأخِيك، فلا تَتَناولُه بشرٍّ، ولا تضرُّ به، ولا تغشُّه، ولا تخونُه؛ لأنَّك تكرَه هذه الأمورَ لنفسِك، فهذا الحديثُ من جوامعِ كلِمِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، وهذا دليلٌ على كمالِ إيمانِ من اتَّصَف بهذه الصِّفة، ومن فَقَدها فإنَّ إيمانَه يكونُ ناقصًا، ففيه الحثُّ على المُؤاخَاة بين المُسلمين، وعلى تَبادُلِ النَّفعِ المعنويِّ والمادِّي، النَّفع المعنويِّ: بالتَّناصُحِ، والتَّعليمِ، والأمرِ بالمَعْروفِ، والنَّهي عن المُنكَر، والمادِّيّ: بمُسَاعدَتِه إذا احتاجَ مالاً، وليسَ ذلك الحديثُ مَقْصورًا على أنْ تُعطيَ أخاك شيئًا من المال، فهذا مَطلوبٌ، ولكن ليسَ هذا هو المقصودَ وحدَه، بل هناك ما هو أعْظَمُ منه، أنَّك إذا رَأْيتَه على معصيةٍ تَنْهاه وتَنْصَحُه فيما بينَك وبينَه؛ لأنَّك تكرَه لنفسِك هذا الشَّيءَ فتَكرَهُه لأخيك، وتُعلِّمُه إذا رأيتَ عليه جهلاً في أمورِ دينِه وتُبيِّن له وتُرشِده، هذا أعظمُ من بَذلِ المال، فيَنبغي أنْ يسودَ هذا بينَ المسلمين.


الشرح