×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

الحديث الحادي والثلاثون

عن أبي العبَّاسِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ». حديثٌ حسنٌ، رواهُ ابنُ ماجةَ وغيرُه بأسانيدَ حسنةٍ([1]).

 

هذا حديثٌ عظيمٌ، ذَكرَ العُلماءُ أنَّه من قَواعدِ الإسلامِ الَّتي يَسيرُ عليها المُسلمُ، فهذا الرَّجُلُ جاءَ يَسألُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن عَمَلٍ إذا عَمِلَه أحَبَّهُ اللهُ وأحَبَّهُ النَّاسُ، فهذا عَملٌ جليلٌ، إذا أحَبَّكَ اللهُ وأحَبَّكَ النَّاسُ هذه سعادةٌ وخيرٌ كثيرٌ، ألاَّ يبغِضُك أحَدٌ، فما هو العَملُ الَّذي تُنالُ به رِضَا اللهِ ورِضَا النَّاسِ؟ وفي هذا دليلٌ على أنَّ رضا النَّاسِ مَطلوبٌ، ما لم يكنْ في ذلكَ إِثْمٌ ومَعصيةٌ.

قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ» الزُّهدُ: هوَ التَّركُ، يعني: اتْرُكِ الدُّنيا، وليس المُرادُ أنْ تَترُكَ ما تَحتاجُ إليه، وما تَستَغْني به من طَلَبِ الرِّزقِ، والكَسبِ الحلالِ، هذا مَنهيٌّ عنه لكنِ اتْرُكْ ما لا حاجةَ لك به، فلَيسَ الزُّهدُ تَرْكَ المُباحاتِ الَّتي تَحتاجُها أنتَ وأولادُك، وإنَّما الزُّهدُ تَرْكُ


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (4102)، والحاكم رقم (7873)، والطبراني في «الكبير» رقم (5972).