×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

الحديث الثامن والعشرون

عن أَبِي نَجيـحٍ العِرباضِ بنِ سَارِيةَ رضي الله عنه قال: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَأَوْصِنَا، قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ». رواهُ التِّرمذيُّ وقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ([1]).

 

هذا حديثٌ عظيمٌ وَعَظَ فيه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه مَوعِظةً بَليغةً، الوَعظُ مَطلوبٌ، والتَّذْكيرُ باللهِ، والتَّذكيرُ بالجنَّةِ والنَّارِ والبَعثِ والنُّشورِ مَطلوبٌ، والقُرآنُ مَوعظةٌ، قال تعالى: ﴿وَعِظْهُمْ [النساء: 63]، فالوَعظُ مَطلوبٌ، خِلافًا للَّذينَ الآن يُهوِّنُون مِن شَأْنِ الوَعظِ، ومِن شأنِ ذِكرِ الجنَّةِ والنَّارِ والقِيامَةِ والحَشرِ يُهوِّنُون مِن هذه الأمورِ كما يُنشَرُ في الصُّحفِ، ويَسخَرُون من الأَئِمَّةِ والخُطباءِ الَّذين يَعِظُون النَّاسَ، هذا دليلٌ على نِفاقِهم وعلى كَراهِيَّتِهم للحقِّ والعِياذُ باللهِ، وعلى قَسوَةِ قُلوبِهم، قال تعالى: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ *كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ *فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ [المدثر: 49- 51].


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، والدارمي رقم (95)،، وأحمد رقم (17144).