الحديث الثلاثون
عن أبي ثَعْلبةَ
الخُشَنِيِّ - جُرْثُومِ بنِ ناشرٍ رضي الله عنه - عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم قالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا،
وَحَدَّ حُدُودًا فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا،
وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا
عَنْهَا». رواهُ الدَّارقُطْنيُّ وغيرُه([1])
اللهُ تَعالى شَرعَ لعبادِه ما يُصْلِحُهم
في دِينِهم ودُنياهُم.
قولُه: «فَرَضَ
فَرَائِضَ» يعني: أَوجَبَ واجباتٍ، فالفَرضُ هو الوَاجبُ، وقيلَ: إنَّ الفَرضَ
آكِدٌ منَ الواجبِ، والواجِبُ: هو ما يُثابُ فاعِلُه ويُعاقَبُ تارِكُه، يعني:
أوجَبَ واجباتٍ وألزَمَ بها منَ الطَّاعاتِ، والعباداتِ، مِثلُ: الصَّلواتِ
الخَمسِ، الزَّكاةِ، صَومِ رمضانَ، حجِّ بيتِ اللهِ الحرامِ، وبرِّ الوالدَيْنِ،
وغيرِ ذلك من الواجباتِ، الَّتي بينَ العِبادِ وبينَ اللهِ والواجباتِ الَّتي بينَ
العبادِ بَعضِهم مع بعضٍ من بِرِّ الوالدَيْنِ، وصلةِ الأرحامِ، والإحسانِ إلى
المَحاويجِ، هذه فرائضُ لا يجوزُ تَرْكُها، ويَلزَمُ فِعْلُها.
ثمَّ قال: «فَلاَ تُضَيِّعُوهَا» أي: لا تَتْرُكوها أو تَتساهَلُوا في شَأْنِها؛ لأنَّها مِن مَصْلَحَتِكم، ومن قِوامِ دِينِكم، الدِّينُ قائِمٌ على الفرائِضِ والواجِباتِ، ثمَّ المُستحبَّاتِ منَ الطَّاعاتِ، فإنَّ النَّوافلَ تَجبُرُ الفرائِضَ
([1]) أخرجه: الدارقطني رقم (4396)، والحاكم رقم (7114)، والطبراني في «الكبير» رقم (589).
الصفحة 1 / 276