الحديث الثاني
والأربعون
عَن أنسِ بنِ
مالكٍ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «قَالَ
اللَّهُ تبارك وتعالى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي
غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ
بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ
وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَْرْضِ
خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا
مَغْفِرَةً». رواهُ التِّرمذيُّ وقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيح([1]).
هذا الحديثُ منَ
الأحاديثِ القُدْسيَّةِ الَّتي يَرويها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عنْ رَبِّه،
وفيه ثَلاثُ جُملٍ:
الجُملةُ الأُولى: أنَّ اللهَ جل وعلا يُخاطِبُ جميعَ بني آدمَ، فيقولُ سُبحانه: «يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ مَا كَانَ مِنْكَ وَلاَ أُبَالِي» يعني: مَن أحْسَنَ الظَّنَّ بِاللهِ عز وجل وتقرَّبَ إليه بالعَملِ فإنَّ اللهَ يَغفِرُ له الذُّنوبَ والسَّيِّئاتِ؛ لأنَّ اللهَ غفور رحيمٌ على ما كانَ منكَ، فالإنسانُ يكونُ عندَه مُخالفاتٌ ومَعاصٍ، ولكنَّه إذا أحسَنَ الظَّنَّ باللهِ وتابَ إلى اللهِ، ولم يَقنَطْ من رَحمةِ اللهِ، واستَغْفرَ: طلبَ المَغفرةَ منَ اللهِ، غَفرَ اللهُ لهُ جميعَ الذُّنوبِ، قال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: 53]،
الصفحة 1 / 276