×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

الحديث الحادي والعشرون

عَنْ أَبِي عمرٍو - وقيلَ أَبِي عَمْرةَ - سُفيانَ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنه قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ قُل لي في الإسلامِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيرَكَ، قَالَ: «قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ». رواه مسلم([1]).

 

هذا الحديثُ أنَّ سُفيانَ بنَ عبدِ اللهِ سأَلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يقولَ له كلامًا جامِعًا للخَيرِ، واضِحًا في أسلوبِه، بحَيثُ لا يحتاجُ إلى شَرحٍ، وإلى مَن يُوضِّحُه ويُبيِّنُه، ويكونُ واضِحًا في نَفْسِه، ولا شكَّ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أُوتِيَ جوامِعَ الكَلمِ، وفَصلَ الخِطابِ، واللهُ أقْدَرَه على ذلكَ، فأجابَ هذا الرَّجُلَ بكَلمتَيْنِ تَجمَعانِ له الخَيرَ كلَّه، وذلكَ بأنْ يقولَ: «آمَنْتُ بِاللهِ» ثمَّ يستقيمُ على ذلكَ، وهذا كما في القُرآنِ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت: 30]، وفي الآيةِ الأخرَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ *أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأحقاف: 13- 14]، فاللهُ جل وعلا أمرَ نبيَّه بذلك، وأمرَ المُؤمنينَ، وقالَ سبحانه وتعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا [هود: 112]، وقال تعالى: لعِبادِه المُؤمنين: ﴿فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ [فصلت: 6].


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (38) وفيه: «فاستقم».