×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

الحديث الثالث

عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَر رضي الله عنهما قال: قال: رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِْسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ([1])».

 

هذا الحديثُ كالحَديثِ الَّذي قبلَه - حديثِ عُمر بن الخطَّاب رضي الله عنه - في بَيانِ أركانِ الإسلام، إلاَّ أنَّ هذا الحديثَ فيه زيادةٌ وهو قولُه: «بُنِيَ الإِْسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ»، وفي حديثِ عُمَر قال: «أَخْبِرْنِي عَنْ الإِْسْلاَمِ. قَالَ: الإِْسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ...» إلى آخِرِ الحديث، فظاهِرُ حديثِ عُمَر أنَّ الإسلامَ هو هذه الأركانُ الخمسةُ فقط، بينما هذا الحديثُ يدُلُّ على أنَّ هذه الخمسةُ ليست هي كلَّ الإسلام، وإنَّما بُني الإسلامُ عليها، فهي مَبَانيه وأركانُه، وإلاَّ فالإسلامُ كثير، والأعمالُ الصَّالحة كلُّها من الإسلام: الوَاجِبات، والمُستحبَّاتُ، وكلُّ الطَّاعات، وتَركُ المعاصي، كلُّ ذلك هو الإسلام؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»([2])، فعدَّ كفَّ الأذى من الإسلام، فالإسلامُ واسع، ولكنَّ هذه الخمسةَ هي دَعائِمُه، وهي أركانُه، وهي مبانيه التي بُنِيَ عليها، وبفَقْدِها أو فقدِ شيءٍ منها لا يكونُ الإنسانُ مسلمًا الإسلامُ الحقيقيّ،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (8)، ومسلم رقم (16).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6484)، ومسلم رقم (14).