وأمَّا بقيَّةُ الأعمالِ إذا فُقِد شيءٌ منها
فإنَّه يكونُ مسلمًا، لكن يكونُ إسلامُه ناقصًا، بحَسَبِ ما ترَك منها.
قوله: «شَهَادَةُ أَنْ
لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» معناها: الاعتقادُ واليقينُ مع النُّطقِ باللِّسان؛
لأنَّه لا يستحقُّ العبادةَ إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى، وأنَّ عبادةَ ما سواه
باطلةٌ وشِرْكٌ باللهِ عز وجل، وإن كانت تُسمَّى آلهةً، ولكنَّها آلهةٌ باطِلة،
فالإلهُ الحقُّ هو اللهُ جل وعلا، وما سِواه فأُلُوهيَّتُه باطِلة، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ
الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ
هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62]، فلا بُدَّ من
الاعتقادِ بالقلب، والنُّطقِ باللِّسان، والعملِ بالجَوارح؛ لأنَّ العبادةَ لله عز
وجل لا يَستَحِقُّها سواه، ولا يكفي أنْ تعتقدَ أنَّ العبادةَ حقٌّ للهِ عز وجل بل
لا بُدَّ أنْ تعتقدَ أيضًا أنَّ عِبادةَ ما سِواه باطِلة، وهذا هو مُقتَضَى «لاَ
إِلَهَ إلاَّ اللهُ»؛ فإنَّ «لاَ إِلَهَ» نَفْي، و«إِلاَّ اللهُ»
إثبات، فالنَّفي هو نَفْيٌ وإبطالٌ لعِبَادةِ ما سِوى الله، والإثْباتُ هو إثباتُ
العبادةِ للهِ عز وجل، فلا يكفي النَّفيُ بدُونِ إثبات، ولا الإثباتُ بدُونِ
نَفْي، لا بُدَّ منهما جميعًا، فالذي يَعبدُ اللهَ ولا يعبُدُ معه غيرَه، لكنْ لا
يَعتقِدُ بُطلانَ عِبادةَ الأوثان والطَّواغِيت، ويقول: النَّاسُ أحرارٌ في
عقائدِهم كلٌّ له عقيدتُه، ولا يعتقدُ أنَّ هذا باطِل، فهذا كافرٌ باللهِ عز وجل؛
لأنَّه مُناقِضٌ لشهادةِ «أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»؛ لأنَّها تَشتمِلُ
على النَّفي، والإثبات.
قال: «وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» لا تكفِي شهادةُ «أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ
اللهُ» وهو لا يعتقِدُ برسالةِ محمَّد صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ اليهودَ
يشهدون «أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» لكنْ لا يُؤمنون برسالةِ محمَّد صلى
الله عليه وسلم، فهذا لا يُدخِلُهم في