الحديث الرابع
والثلاثون
عَنْ أَبِي سَعيدٍ
الْخُدْريِّ - رَضِيَ اللهُ تَعالى عنهُ - قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله
عليه وسلم يقولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ،
فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ،
وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ». رواهُ مسلمٌ([1]).
الأمْرُ بالمَعروفِ
والنَّهيُ عنِ المُنكرِ مِن أُصولِ الإسلامِ، فهُو جانِبٌ عظيمٌ من جوانِبِ
الإسلامِ؛ لأنَّه إصلاحٌ للمُجتمَعِ.
والمُنكرُ: ما نَهَى
اللهُ عنه ورسولُه منَ الأقْوالِ والأفْعالِ والتَّصرُّفاتِ، وسُمِّيَ مُنكَرًا؛
لأنَّه تُنكِرُه الفِطرُ والعُقولُ السَّليمةُ.
وأمَّا المَعروفُ: فهو ما أمرَ اللهُ به ورَسولُه، سُمِّيَ مَعروفًا؛ لأنَّه تَعرِفُه العُقولُ والفِطرُ السَّليمةُ، وهذا جانبٌ عظيمٌ في الإسلامِ، قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، و قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: 110]، فميّز الله هذه الأمَّةَ بأنَّها تأمُرُ بالمَعروفِ وتَنهَى عنِ المُنكرِ، بخِلافِ أهْلِ الكِتابِ فإنَّ اللهَ أوجَبَ عليهم الأمْرَ بالمَعْروفِ والنَّهيَ عنِ المُنكرِ لكنَّهمْ لم يَقوموا به؛ ولذلكَ لَعَنَهمُ اللهُ، قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
الصفحة 1 / 276