×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

الحديث الحادي والأربعون

عَن أَبِي مُحمَّدٍ عبدِ اللهِ بنِ عمْرِو بنِ العاصِ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، رُوِّيناهُ في كِتابِ الحُجَّةِ بإسنادٍ صحيحٍ([1]).

 

قولُه صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ» هذا نَفَى عنه الإيمانَ.

ثمَّ قالَ: «حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» أي: يكونُ ما يَهْوَى تابِعًا لمَا جاءَ به الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم.

والحديثُ وإنْ كان فيهِ مَقالٌ، ولكنَّ النَّوويَّ رحمه الله صحَّحهُ، وصحَّحهُ غيرُه أيضًا، ويَشهَدُ له القُرآنُ أيضًا، قال تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ [النساء: 65]، فيكونُ هواهُم تَبعًا لمَا حَكَمَ به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولا يَكرهُون ما حَكَمَ به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فمَن كَرِهَه كان كافِرًا، و قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد: 9]، فهذا الحديثُ يَشهَدُ له القُرآنُ.

ومعنى هذا أنَّ الإنسانَ يُسلِّمُ للهِ ولِرَسولِه ولا يَعتَرِضُ، ولا يَكرَهُ ما جاءَ عنِ اللهِ ورسولِه، ولو كان فيه مَشقَّةٌ على نَفْسِه، وعليه أن يَصبِرَ ويَعرِفَ أنَّ هذا هوَ عَينُ الصَّلاحِ والخيرِ له، ولو كانَ فيهِ ما يَشقُّ على


الشرح

([1])  أخرجه: ابن أبي عاصم في السنة رقم (15)، والبغوي في شرح السنة رقم (104)، وابن بطة في الإبانة رقم (279).