الحديث التاسع والثلاثون
عَنِ ابنِ عبَّاسٍ
رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: «إِنَّ اللَّهَ
تَجَاوَزَ لي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا
عَلَيْهِ». حديثٌ حسنٌ رواهُ ابنُ ماجةَ والبَيهقيُّ وغيرُهما([1]).
هذهِ بُشْرى
للمُؤمنِ، فقوْلُه: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لي عَنْ أُمَّتِي» يعني: عَفا
سبحانه وتعالى عَن أُمَّةِ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم «الْخَطَأَ» إذا
أخطَأَ المُسلمُ وعَمِلَ ما لا يَليقُ، وكانَ خَطأً غيرَ مُتَعمَّدٍ، فليسَ عليهِ
شَيءٌ، واللهُ -سبحانه- عَفا عنهُ.
قوْلُه: «وَالنِّسْيَانَ»
إذا نَسِيَ وتَركَ الطَّاعةَ أو تَركَ شَيئًا نِسيانًا لا تَعمُّدًا، أو فَعلَ
شَيئًا ناسِيًا لا تَعمُّدًا لا يُؤاخِذُه اللهُ عز وجل فَضْلاً منه وإحسانًا،
لكنَّ الفَرْضَ لا يَسقطُ بالنِّسيانِ، فيَأتي به قَضاءً.
ثمَّ قالَ: «وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» المُكرَهُ على فِعْلِ السَّيئَةِ لا يُؤاخَذُ؛ لأنَّه مَسلوبُ الإرادةِ، قال تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل: 106]، فإذا أكْرَهُ الإنسانُ على فِعلِ الشَّرِّ وهو لم يَقْصدْه فإنَّه لا يُؤخَذُ عليه؛ لأنَّه ليس له إرادةٌ وإنَّما هو مُجبَرٌ مَسلوبُ الإرادةِ، وهذا فَضلٌ من اللهِ، لو شاءَ اللهُ لعَذَّبَه، ولكنَّ اللهَ تَفضَّلَ علَيْه، ولمَّا نزلَ قوْلُه تَعالى: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
الصفحة 1 / 276