×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

الحديث الثالث عشر

عَنْ أَبِي حَمْزَةَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه خَادِمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». رواه البخاري ومسلم([1]).

 

قولُه: «عَن أبي حَمزةَ أنسٍ بنِ مالكٍ خادمِ النَّبيِّ » أنسٍ بنِ مالكٍ الأنصاريِّ خادمِ النَّبيِّ؛ لأنَّه لمَّا قدِم النَّبيُّ المدينةَ هرَبَ مالكٌ أبو أنسٍ من المَدينة؛ لأنَّه كان يُبغِضُ الرَّسولَ، فهَربَ إلى الشَّامِ وماتَ هناك كافرًا، وكان أنسٌ رضي الله عنه طفلاً صغيرًا، فجأتْ به أمُّه إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقالَتْ: هذا أنسٌ يَخدِمُك، فتَقبَّلَه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وربَّاه، ودَعا له بقولِه: «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَه»([2])، وصارَ يخدِمُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم؛ خَدمَه عشْرَ سِنين من حينِ قَدِم المدينةَ إلى أن تُوفِّي، وحازَ بذلك فضيلةً عظيمةً، وتربَّى على يدِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، وهذا من حُسْنِ تَصرُّفِ أُمِّه رضي الله عنها.

قولُه صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ» أي: لا يَكمُلُ إيمانُه، وليسَ معناه نَفي أصلِ الإيمانِ، «حتَّى يُحِبَّ لأخِيه ما يُحِبُّ لنَفسِه» يعني: من لم يُحبّ لأخِيه ِما يُحبُّ لنفسِه يكونُ إيمانُه ناقصًا، وليسَ المرادُ هنا أخَاه من النَّسَب، بل المرادُ بـ «أَخِيهِ» كلَّ مسلم؛ لأنَّ المؤمنين إِخوة،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (13)، ومسلم رقم (45).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (1982)، ومسلم رقم (2480).