الحديث العشرون
عَنْ أَبِي
مَسعودٍ عُقْبةَ بنِ عمرٍو الأنصَاريِّ البدريِّ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ
النُّبُوَّةِ الأُْولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». رواهُ
البخاريُّ([1]).
وهذا حديثٌ عظيمٌ -
أيضًا - قالَ فيه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ»
والحياءُ خَصلةٌ عظيمةٌ تَمنَعُ الإنسانَ منَ الأشياءِ الَّتي لا تَليقُ به منَ
السَّفاسِفِ والرَّذائِلِ، وسيّئِ الأخلاقِ، فالَّذي يَستحيي يَمتَنِعُ ممَّا لا
يليقُ؛ لأنَّ الحياءَ يَمنَعُه، ولذلكَ صارَ الحياءُ منَ الإيمانِ، قالَ صلى الله
عليه وسلم: «وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِْيمَانِ» فالَّذي لا يستحيي
هذا دليلٌ على ضَعفِ إيمانِه، والَّذي يستحيي هذا دليلٌ على كمالِ إيمانِه.
وقوْلُه: «إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» هذا من بابِ التَّهديدِ، مِثلُ قوْلِه تَعالى ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]، فليسَ تَخييرًا له أنَّه يَفعَلُ ما يشاءُ، وإنَّما هو تَهديدٌ، فالحَياءُ خَصلةٌ عظيمةٌ يمنعُ الإنسانَ من كلِّ رَذيلةٍ، ويَصونُه مِن كلِّ مذمَّةٍ، وأمَّا إذا فُقِدَ الحياءُ فهو مُصيبةٌ عظيمةٌ، فالرَّجلُ الَّذي لا يَستحيي لا يَتحاشَى الكَذِبَ، ولا يتحاشَى سَيّئَ الأمورِ والسَّفاسِفَ والرَّذائلَ، ولا يَمتنِعُ عن شُربِ
الصفحة 1 / 276