الحديث الخامس عشر
عن أبي هُريرةَ
رضي الله عنه قال: قال: رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ
بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ». رواه البخاري ومسلم([1]).
هذا الحديثُ فيه
بيانُ بعضِ خِصَال الإيمان؛ لأنَّ الإيمانَ له خِصالٌ وله شُعَبٌ كثيرة، وكلُّ
أعمالِ الخَيرِ وكلُّ الطَّاعاتِ والقُرُبات كلُّها من الإيمان؛ لأنَّ الإيمانَ
قولٌ باللِّسَان، واعتقادٌ بالقَلْب، وعمَلٌ بالجَوَارح، فالأعمالُ سواءً كانت من
أعْمالِ القُلوب؛ كالخَوفِ والخَشْيةِ والرَّغبةِ والرَّهبة، أو مِن أعمالِ
الجَوَارح؛ كالصَّلاَةِ والصِّيامِ والحَجِّ والصَّدقةِ وغيرِ ذلك، كلُّها من
حقيقةِ الإيمانِ داخِلةٌ فيه، وفي هذا الحديثِ بيانُ شيءٍ منها.
قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ» الأصلُ هو الإيمانُ باللهِ عز وجل، «وَالْيَوْمِ الآْخِرِ» الذي هو البَعثُ والنُّشُورِ يومَ القيامة؛ لأنَّ من آمَن بالبَعثِ فإنَّه يَستعدُّ له، ومُجرَّدُ الإيمانِ بالبعثِ دونَ الاستعدادِ له لا يُفيدُ شيئًا، بل لا بُدَّ أنْ يَستعِدَّ العبدُ للبَعث، فيُكثِرُ من الحَسَنات، ويَتوبُ عن السَّيِّئات، قبلَ أنْ يموتَ ويُبعَث.
الصفحة 1 / 276