هذا وَجهُ ذِكرِ
الإيمانِ باليومِ الآخِر مع الإيمانِ باللهِ عز وجل، وإلاَّ فأركانُ الإيمانِ
ستَّة - كما هو مَعلوم - آخِرُها الإيمانُ بالبَعث، ولكنَّه ذكَرَه مع الإيمانِ
باللهِ تأكيدًا له، ولأنَّ الإنسانَ إذا آمن أنَّه سيُبعَث ويُحاسَب ويُجازَى،
فإنَّه يَهتمُّ ويَستعدُّ، ويُقيمُ بقيَّة أركانِ الإسلام، وغيرَها من الوَاجِبات،
ويَجتنِبُ المُحرَّمات.
قال: «فَلْيَقُلْ
خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»؛ فإنَّ من الإيمانِ باللهِ واليومِ الآخِر
والاستعدادِ له أن يقولَ العبدُ خيرًا أو يَصمُت، فقد خلقَ اللهُ سُبحانه هذا
اللِّسانَ في هذا الإنسان، وعلَّمه النُّطقَ والبيانَ نعمةً منه سبحانه وتعالى،
ولم يَجعلْه من الجَوامدِ التي لا تَنطِق، أو من البَهَائم، أو من الصُّمِّ
والبُكْمِ المُعطَّلين عن الكلام، بل مَنَّ اللهُ تعَالى عليه بهذا النُّطْقِ،
وهذا اللِّسان.
وهذا اللِّسانُ سلاحٌ ذو حَدَّين: إنِ استَعْملْتَه في الخَير جَنى لك خَيرًا، وأثمَر لك خَيرًا، وإن اسْتَعْملته في الشَّرِّ جَنى عليك شَرًّا وإثمًا، وذلك بحَسبِ ما تَنطِقُ به، ولأهمِّيَّةِ الكلامِ وكَّلَ اللهُ سبحانه وتعالى مَلَكَين عن يَمينِ الإنسانِ وشِمالِه مُلاَزِمَين له، يَكتُبان ما يقول، قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، يَكتُبان ما يتَلفَّظُ به، سَواء كان طاعةً أو معصيةً أو حتَّى المُبَاح، فالآيةُ عامَّةٌ تشْمَلُ جميعَ ما يلفَظُ به العَبْد، فهذا الكَلاَمُ الَّذي يَصدُرُ منكَ يُكتَب ويُحصَى عليك، فإنْ كان خَيرًا أثْمَر لكَ خيرًا وبرًّا، وإنْ كان شَرًّا أثمرَ لك شرًّا وعُقوبةً، فأخطَرُ ما في