الإنسانِ هو لسانُه؛ ولهذا قال صلى الله عليه
وسلم: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ - أَوْ قَالَ: مَنَاخِرِهِمْ
- فِي النَّارِ إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟»([1])
قال: «فَلْيَقُلْ
خَيْرًا»، واللهُ جل وعلا يقول: ﴿وَقُولُوا
قَوْلاً سَدِيدًا﴾ [الأحزاب: 70]، والكلامُ الخيرُ
مثل: التَّسبيحِ، والتَّهليلِ، والتَّكبيرِ، وتلاوةِ القُرآن، والذِّكْر، والأمرِ
بالمعروفِ، والنَّهْيِ عن المُنكَر، وتعليمِ العلمِ النَّافع، والإصلاحِ بين
النَّاس، كلُّ كلامٍ في رضَا اللهِ جل وعلا فإنَّه خيرٌ، قال تعالى: ﴿لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ
نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ
النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ
أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].
والكلامُ لا
يُكلِّفُ كثيرًا، فهو ليس مثلَ الصَّلاةِ، ولا الصِّيامِ، ولا الجِهاد، فتَستطيعُ
أنْ تقولَ خيرًا وأنتَ جالِس، أو مُضْطَجعٌ، أو راكِبٌ، أو ماشٍ، فالبَدنُ يَتعَبُ
من الطَّاعة، لكنَّ اللِّسانَ لا يتعَبُ من الكلامِ، فاشْغَلْه بما يُفيدُك.
قوله صلى الله عليه وسلم: «أَوْ لِيَصْمُتْ» إذا لم يقُل خَيرًا فإنَّه يَصمُتُ من أجْلِ أن يَسْلَم، فإذا سَكَت سَلِم، وإذا نطَق فإن كان خَيرًا غَنِم، وإن كان شرًّا هَلَك، وأكثر ما يصدُرُ من الإنسانِ - خصوصًا مع الغَفْلة وضَعْفِ الإيمان - كلام سَيِّئ، أو مِن فُضُولِ الكلامِ لا فائدةَ فيه؛