هذا فيه حثٌّ للإنسانِ على أنْ يتوبَ إلى اللهِ
ولو عَظُمتْ ذُنوبُه، ولا يَقلْ: هذا ذَنبٌ لا يَغْفِرُه اللهُ - بلِ اللهُ تَعالى
يَغفِرُ جميعَ الذُّنوبِ، فيَتوبُ إلى اللهِ عز وجل ويبادرُ، واللهُ سُبحانه غنيٌّ
كريمٌ، لا يَضرُّه شيءٌ، ولا يَنقُصُ مِن مُلْكِه، أو ممَّا عندَه شَيءٌ، ففِيه
حُسنُ الظَّنِّ باللهِ، وتَعلُّقُ القَلبِ باللهِ، وعَدمُ القَنوطِ مِن رَحمةِ
اللهِ، وأنَّ الإنسانَ لا يَتعاظَمُ ذَنبًا على التَّوبَةِ، فاللهُ يَغفِرُ
الذُّنوبَ جَميعًا.
الجُملةُ
الثَّانيةُ: قالَ جل وعلا: «يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ
السَّمَاءِ» ارتَفَعتْ منَ الكَثرةِ حتَّى تَبلُغَ السَّحابَ، «ثُمَّ
اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي» فهذا فيهِ أنَّ التَّوبةَ
تَجُبُّ ما قَبْلَها منَ الذُّنوبِ مهْما كَثُرَتِ الذُّنوبُ وتَعَاظَمتْ، ولو
تَراكمَتْ وارتفعَتْ إلى عَنانِ السَّماءِ فإنَّها تَهْدِمُها، التَّوبةُ
الصَّحيحةُ المُستوفِيَةُ لشُروطِها، وهيَ:
أنْ يُقلِعَ عنِ
الذَّنبِ.
أنْ يَعزِمَ ألاَّ
يعودَ إليهِ.
وأنْ يندمَ على ما
حصَلَ منه.
وإذا كانَ عندَه
مَظالِمٌ للعِبادِ يَرُدُّها إليهم، ويَطلُبُ منهم المُسامحَةَ.
هذه هيَ التَّوبةُ
الصَّحيحةُ، وهذه هيَ الَّتي تَهدِمُ الذُّنوبَ وإن بَلغَتْ عَنانَ السَّماءِ، كما
في هذا الحديثِ، ففِيهِ التَّرغيبُ في التَّوبةِ، وحُسْنُ الظَّنِّ باللهِ عز وجل،
والمُبادرةُ والمُسارعةُ إلى التَّوبةِ.
الجملةُ الثَّالثةُ: وهيَ أعظَمُ وأعظَمُ، قال - سُبحانه -: «يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَْرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ