إذا حصَلَ فيها نَقْصٌ وتُكمِّلُها،
والمُستحبُّ: هو ما يُثابُ فاعِلُه ولا يُعاقَبُ تارِكُه، هذا هو المُستحبُّ.
قولُه: «وَحَدَّ
حُدُودًا»، الحدُّ: هو الشَّيءُ المانِعُ، واللهُ وَضعَ موانِعَ للعِبادِ لا
يَتَجاوَزُونها منَ المُباحاتِ، تُغْنِيهم عمَّا حَرَّمَ اللهُ عليهم، فاللهُ
أحلَّ لعبادِه الطَّيِّباتِ، وحرَّمَ عليهم الخَبائِثَ، فهناكَ حلالٌ، وهناكَ
حرامٌ، هذه حدودُ اللهِ سبحانه وتعالى. فالمُباحُ لا يَتعدَّى، قال تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
فَلاَ تَعْتَدُوهَا﴾ [البقرة: 229]، والحرامُ لا
يُقرِّبُ، قال تعالى: ﴿تِلْكَ
حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا﴾ [البقرة: 187]، هذا مَوقِفُ
المسلمِ في الحلالِ والحرامِ، أنَّه يأخُذُ الحلالَ الطَّيبَ ويَكتَفي به،
ويَترُكُ الحرامَ وما يُؤدِّي إليه منَ الوسائِلِ ﴿فَلاَ
تَقْرَبُوهَا﴾ يعني: لا تَعْمَلوا الوسائلَ المُقرِّبةَ لها احتِياطًا.
فالمسلمُ يقِفُ عندَ
حُدودِ اللهِ عز وجل لا يَتجاوَزُها، فيأخُذُ الحلالَ والمُباحَ، ويَتركُ الحرامَ.
ثمَّ قال: «وَحَرَّمَ
أَشْيَاءَ» المُحرَّماتُ كثيرةٌ، قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: 3]، وقال ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ
وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، فمنها ما جاءَ
نصُّ التَّحريمِ عليه، ومنْها ما نَهَى اللهُ عنه، والمَنهيُّ عنهُ الأصلُ أنَّه
حرامٌ، وقد يكونُ مَكروهًا كراهةَ تَنزِيهٍ من بابِ الاحتياطِ، إذا دلَّ دليلٌ على
صرفِه عنِ التَّحريمِ.
قولُه: «وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ» لم يُحَلِّلْها ولم يُحرِّمْها، لا تسألُوا عنها؛ لأنَّ اللهَ سَكتَ عنها، وفي البَحثِ عنها إحراجٌ للنَّاسِ، فما دامَ أنَّها مَسكوتٌ عنها فاتْرُكُوها، من أَخَذَها لا يُلامُ؛ لأنَّ المُباحَ مَسكوتٌ عنه،