والمُباحُ: هو ما لا يُثابُ فاعِلُه ولا
يُعاقَبُ تارِكُه، فاللهُ سكَتَ عنها لحِكمَةٍ، ما سَكتَ عنها من بابِ النِّسيانِ،
بل سَكتَ عنها رَحمةً بكم لئَلا يشُقُّ عليكُم.
قولُه: «غَيْرِ
نِسْيَانٍ» فإنَّ اللهَ جل وعلا لا يَنسَى؛ لأنَّ النِّسيانَ نَقص وذُهولٍ،
واللهُ جل وعلا لم يَسكُتْ عنها نِسيانًا لها، وإنَّما سَكتَ عنها رَحمةً بكُم؛
لئلاَّ يُضيَّقَ عليكُم.
ثمَّ قالَ: «فَلاَ
تَبْحَثُوا عَنْهَا» ما عليهِ دليلٌ على أنَّه حلالٌ خُذُوه، وما عليه دليلٌ
أنَّه حرامٌ اتْرُكُوه، وما سَكتَ عنه لا تَبحَثُوا عن حِكمَةٍ؛ لأنَّه لو كانَ له
حِكَمٌ لبَيَّنَه اللهُ سبحانه وتعالى.
هذه ضَوابطٌ يسيرُ عليها المُسلمُ في دِينِه، وفي حياتِه، وفي تَعامُلِه، وفي سُلوكِه، يَفعَلُ الواجباتِ، ويَترُكُ المُحرَّماتِ، ويَلتَزِمُ بحُدودِ اللهِ فلا يَتعدَّاها، ولا يَسأَلُ عمَّا لا يَحتاجُ إليه، ولا يَحتاجُ إليه النَّاسُ، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ *قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 101- 102]، التَّكليفاتُ الَّتي لا يَحتاجُ إليها، والأسئِلَةُ التي لا يَحتاجُ إليها منهيٌّ عنها، إنَّما تَسألُ بقَدْرِ حاجَتِك فقط، ولا تَتكلَّفُ شَيئًا لا تَحتاجَهُ، ولا يَحتاجُه النَّاسُ.
الصفحة 3 / 276